حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توفي يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء، وصلى الناس عليه أفذاذاً، لا يأمهم أحد، فقال ناس: يدفن عند المنبر، وقال آخرون: يدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه)) فحفر له فيه، فلم كان عند غسله أرادوا نزع قميصه فسمعوا صوتاً يقول:"لا تنزعوا القميص" فلم ينزع القميص، وغسل وهو عليه -صلى الله عليه وسلم-.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: كان بالمدينة رجلان أحدهم يلحد، والأخر لا يلحد فقالوا: أيهما جاء أول عمل عمله، فجاء الذي يلحد فلحد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وحدثني عن مالكٍ أنه بلغه أن أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول: ما صدقت بموت النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى سمعت وقع الكرازين.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: رأيت ثلاث أقمار سقطن في حجري حجرتي، فقصصت رؤياي على أبي بكر الصديق، قالت: فلما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودفن في بيتها قال لها أبو بكر: هذا أحد أقمارك وهو خيرها.
وحدثني عن مالك عن غير واحدٍ ممن يثق به أن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل -رضي الله تعالى عنهما- توفيا بالعقيق وحملا إلى المدينة، ودفنا بها.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: ما أحب أن أدفن بالبقيع؛ لأن أدفعن بغيره أحب إليّ من أن أدفن به، إنما هو أحد رجلين إما ظالم فلا أحب أن أدفن معه، وإما صالح فلا أحب أن تنبش لي عظامه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في دفن الميت" حكم دفن الميت معروف حكم التكفين والصلاة وحمل الميت ودفنه كلها فروض كفايات، لا بد منها، يأثم من علم بحال الميت بحيث يدفن من غير تكفين أو يدفن من غير صلاة أو لا يدفن، فإذا قام به القدر الكافي سقط هذا الوجوب على الجميع، صار في حكم المشارك سنة.