"حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توفي يوم الاثنين" وهذا كما في الصحيح عن عائشة وأنس، ولا خلاف فيه بين العلماء، وأن ذلك لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول، سنة إحدى عشرة "ودفن يوم الثلاثاء" توفي يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء، يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: القول بدفنه يوم الثلاثاء غريب، والمشهور عند الجمهور أنه دفن يوم الأربعاء، والسبب في تأخير دفنه -عليه الصلاة والسلام- اشتغال في أمر البيعة حتى استقر الأمر على الصديق، ولا شك أن وجود النبي -عليه الصلاة والسلام- بين أظهرهم أقطع للخلاف، وأبعد للنزاع وإن كان ميتاً -عليه الصلاة والسلام-، لما له من الهيبة، فلا يرفع الصوت بحضرته حياً وميتاً، فتأخيرهم الدفن لكي يكون باعثاً لهم على سرعة الاستخلاف كون الجنازة تؤخر، وهناك أمور مختلف عليها يقال: تترك هذه الجنازة حتى ننتهي لأنها لو دفنت صارت هذه الأمور على التراخي، ومن أعظم ما يختلف فيه بعد موت الإمام الخلافة من بعده.
"وصلى الناس عليه أفذاذاً" يعني أفراداً أرسالاً "لا يؤمهم أحد" روى ابن سعد عن علي قال: هو إمامكم حياً وميتاً فلا نقدم عليه أحد، قال الباجي: اختلف في الصلاة عليه فقال بعض الناس: لم يصلَّ عليه، وإنما يأتي الرجل والرجال فيدعون له ويترحمون عليه "صلى الناس عليه أفذاذاً" يعني دعا له الناس صلاة لغوية، وهذا له وجه، وجه ذلك لأنه أفضل من الشهيد والشهيد لا يصلى عليه، الشهيد تكفيه الشهادة عن الصلاة عليه، والجمهور وهو الصحيح فيما قاله عياض وغيره: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلوا عليه صلاة شرعية حقيقية لا مجرد الدعاء فقط، وكون الشهيد لا يغسل ولا يصلى عليه لا يعني أن غيره لا تطلب له مزيد الرفعة، والدرجة بالصلاة عليه، والمسألة مسألة دين وشرع فيه نصوص، كون الشهيد لا يغسل لئلا يذهب هذا الدم الذي يشهد له يوم القيامة، وطيب رائحته يدل عليه، فمثل هذا لا تنبغي إزالته، فالشهيد لا يغسل ولا يصلى عليه، وهكذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- بشهداء أحد وغيرهم.