للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: ما أحب أن أدفن بالبقيع" عروة يقول: "ما أحب أن أدفن بالبقيع" مقبرة المدينة "لئن أدفن بغيره أحب إلى من أن أدفن به" ثم بين السبب؟ فقال: "إنما هو أحد رجلين" لأن المقبرة في وقته قد اكتملت، فهو لا بد أن يوضع مع أحد رجلين "إنما هو أحد رجلين إما ظالم فلا أحب أن أدفن معه" لأنه قد يعذب في قبره فيتأذى بذلك "وإما صالح فلا أحب أن تنبش لي عظامه" هو ما كره مجالسة الصالح إنما احترام لهذا الصالح، كره أن تنبش عظامه من أجله، عروة بني له قصر في العقيق، وخرج من المدينة لما رأى من تغير أهلها، فمات هناك، عروة أحد فقها العلماء العباد رأى تغير في أهل المدينة فانتقل إلى العقيق واعتزل الناس وهذا في عصر خيار الأمة، فكيف بعصرنا الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن والشرور والآثام، وحصل فيه ما يحير ويبهر على كافة المستويات، والله المستعان.

ومسألة العزلة والخلطة مسالة معروفة عند أهل العلم، وألفت فيها المصنفات وشراح الحديث من قرون، يعني من سبعة قرون وثمانية قرون يؤثرون العزلة، حتى قال قائلهم: والمتعين في هذه الأزمان العزلة -هذا يقوله في القرن الثامن- لاستحالة خلو المحافل عن المنكرات، فلا شك أن العزلة فيها نجاة، وفيها خلاص، وقد جاء في الحديث الصحيح: ((يوشك أن خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال يفر بدينه من الفتن)) وهذا يتفاوت الناس فيه فمن كان نفعه أعظم فالخلطة بحقه أفضل، ومن خشي على نفسه أن يتأثر وتأثيره على الناس أقل فالعزلة في حقه أفضل.

سم.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الوقوف للجنائز والجلوس على المقابر:

حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ عن نافع بن جبير بن مطعم عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم في الجنائز ثم جلس بعد.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان يتوسد القبور، ويضطجع عليها.

قال مالك -رحمه الله-: وإنما نهي عن القعود عن القبور فيما نُرى للمذاهب.