وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف أنه سمع أبا أمامة بن سهل بن حنيف -رضي الله عنه- يقول: كنا نشهد الجنائز فما يجلس أخر الناس حتى يؤذنوا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: الوقوف للجنائز والجلوس على المقابر" الوقوف يعني القيام للجنازة إذا مرت، والجلوس على المقابر يعني على القبور.
يقول:"حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد" بن قيس الأنصاري "عن واقد بن عمرو بن سعد" بن معاذ الأشهلي الأنصاري "عن نافع بن جبير بن مطعم" بن عدي القرشي "عن مسعود بن الحكم" بن الربيع بن عامر الأنصاري "عن -أمير المؤمنين رابع الخلفاء- علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم في الجنائز ثم جلس بعد" كان يقوم في الجنائز، بل أمر بذلك كما صح عن جمع من الصحابة، منهم عامر بن ربيعة وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة، وفي الصحيحين عن جابر قال: مرت بنا جنازة فقام لها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقمنا فقلنا: إنها جنازة يهودي، فقال:((إذا رأيتم الجنازة فقوموا)) وفي الصحيحين من حديث سهل بن حنيف وقيس بن سعد فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني في جنازة اليهودي هذه ((أليست نفساً؟ )) وفي القيام تعظيم لشأن الموت، وهو تعظيم لله -عز وجل- الذي قبض الأرواح، وتعظيم شأن الموت تعظيم لما بعده من الأهوال، والأهوال إنما تعظيمها لعظم موجدها وهو الله -جل وعلا-، لا شك أن الموت له رهبة وله وقع في النفوس الحية بخلاف القلوب الميتة، وقد كان الناس منذ أمد قريب إذا مرت بهم الجنازة صار لهم شأن أخر يتأثرون أياماً، الآن الصغار قبل لا يطيقون رؤية الجنازة، والكبار يتأثرون تأثراً بالغاً، الآن الصغار يناهزون الاحتلام وقد رأينا جمع منهم يعبثون بالجنائز يلعبون، تنتظر الصلاة عليها وهو يرفع الغطاء عنها أو ينزله، وأما بالنسبة للكبار فحدث ولا حرج، وقد رأيت كاهلاً في الخمسين من العمر يدخن على شفير القبر، أين القلوب؟ القبر يذكر، والجنازة تذكر، لكن من يتذكر قلوب؟! قلوب ران عليها الذنوب.