قال:"حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن" فروخ المدني، ربيعة أحد الأئمة الأعلام، مشهور "عن غير واحد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع لبلال بن الحارث" عن غير واحد إبهام، والإبهام جهالة، ومنهم من يرى أن الجهالة لا تضر في مثل هذا؛ لأن كونهم غير واحد يجبر بعضهم بعضاً، ووصله أبو داود والبزار وغيرهم، فالحديث موصول "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع لبلال بن الحارث بن عاصم بن سعيد المزني، من أهل المدينة" كان حامل راية مزينة يوم الفتح، مات سنة ستين، "معادن القبلية" القبيلة منسوبة على قبل، وهي ناحية من ساحل البحر، بينها وبين المدينة خمسة أيام، وقيل: هي من ناحية الفرع، الفرع هذا هو منصوص عليه في الحديث، الفرع بإسكان الراء، كذا ضبطه غير واحد، وجزم السهيلي في شرح السيرة، والقاضي عياض في المشارق بأنه بضم الراء والفاء، الفُرُع، فتلك المعادن، الإقطاع، هي هبة الإمام بعض الناس أو الأفراد شيئاً من الأموال المباحة، وأكثر ما يكون في الأراضي، الموات، وهذه معادن، يعني هل للإمام أن يقول: يا فلان أنت لك الحقل الفلاني من البترول، وأنت لك الجبل الثاني من الذهب، وأنت لك كذا؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية، وهي من ناحية الفرع، يعني الشيء الذي تحتاجه الأمة ليس للإمام أن يتصرف فيه، الذي يحتاجه عامة الناس، لو بئر في بلد يحتاجونه الناس، وكلهم يستعمله، ويستنبطوا منه الماء، ولا يمكن أن يستغنوا عنه، هل للإمام أن يقول: هذا الماء لك يا فلان تصرف فيه، وبع على الناس ما زاد عن حاجتك؟ ما يحتاجه الناس كلهم ليس للإمام أن يتصرف فيه، الإمام نعم عليه أن يتوخى المصلحة ويهب للمصلحة، ويمنع للمصلحة، على كل حال هذه صلاحياته، لكن ما يحتاجه الناس كلهم فلا "وهي من ناحية الفرع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة" فدل على وجوب زكاة المعادن.