للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: "وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة -كيسان- السختياني أن عمر بن عبد العزيز" الخليفة الراشد "كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلماً يأمر برده إلى أهله" لأن عمر بن عبد العزيز لما تولى -رحمة الله عليه- صحح كثير من الأوضاع، وأعاد كثير من الأموال إلى بيت المال، حتى ما كان بيد أولاد الخلفاء السابقين وزوجاتهم وأقاربهم ومعارفهم، كلها أدخلها في بيت المال؛ لأنها قبضت بغير حقها، يعني من الطرائف عبد الملك أقطع شخصاً أرضاً، فجاء عمر بن عبد العزيز فأخذها منه فأدخلها في بيت المال، ثم جاء الذي بعده سليمان، فجاء صاحب الأرض يشتكي عند سليمان، قال: إن أباك أقطعني أرضاً فجاء عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- فأخذها، وأدخلها في بيت المال، قال: الذي أعطاك الأرض ما تقول -رحمه الله-، والذي أخذها منك تقول: -رحمه الله-؟ قال: ويش أسوي كل الناس يقولون هذا، يعني الذي يأخذ الأرض تقول -رحمه الله-، واللي أعطاك ما تقول -رحمه الله-؟

على كل حال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- أخذ الأموال التي أخذت من غير وجهها، ورد المظالم، وكتب إلى ولاته بأن يتتبعوا مثل هذه الأمور.

"كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلماً فأمر برده إلى أهله" وجوباً، لا بد أن يرد "ويؤخذ زكاته لما مضى من السنين" قبض المال ظلماً عشر سنين تؤخذ منه الزكاة عشر سنين؛ لأنه لو بقي في يد صاحبه زكاه عشر سنين، وبهذا قال بعض العلماء، لكنه عقب بعد ذلك بكتاب آخر: أن لا يؤخذ إلا زكاة واحدة، سنة واحدة، هو ممنوع من التصرف فيه، والأصل في الزكاة أنها في الأموال النامية، وما دام ممنوع من التصرف فيه، ما ضيع ماله، ولا ضيع نفسه ولا فرط، إنما منع من التصرف في هذا المال فلا يوجب عليه أكثر من زكاة سنة واحدة.

"ثم عقب بعد ذلك بكتاب أن لا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة لماضي السنين" وقال به جمع من أهل العلم، ولعل هذا هو الأولى والأرفق به؛ لأنه لا يجمع عليه بين ظلم وزكاة، وقال بعض أهل العلم: أنه يستقبل به حولاً جديداً من قبضه، ما يزكيه حالاً، إذا قبضه يستأنف به حول جديد، ثم يزكيه بعد ذلك، وهذا له وجه، القول الأخير له وجه؛ لأنه ممنوع من التصرف فيه، كيف يزكي وهو ممنوع؟