يقول:"وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات)) " إذا شرب، يقول ابن حجر: كذا هو في الموطأ، والمشهور عن أبي هريرة من رواية جمهور أصحابه:"إذا ولغ" وهو المعروف في اللغة، يقال: ولغ يلغ بالفتح فيهما إذا شرب بطرف لسانه، أو أدخل لسانه فيه فحركه هذا بالنسبة للمائع، كالماء ونحوه، يلغ فيه، وفي غير المائع يقال: لعقه، وفي الإناء الفارغ يقال: لحسه، والأكثر على قياس بقية البدن على اللسان والفم؛ لأنه إذا أمر بالغسل مباشرة من الفم وهو أشرف ما فيه فلأن يؤمر بالغسل من بقية الأعضاء من باب أولى، وإن كان بعضهم يرى أن التسبيع والتشديد إنما هو للفم فقط على جهة التعبد، ويضاف أيضاً إلى التسبيع التتريب، وإن لم يقع في رواية مالك التتريب، لكنه ثابت من حديث ابن سيرين عن أبي هريرة، وإن اختلفت الرواية في محله، هل هو في الأولى، أولهن، أو إحداهن، أو أخراهن، أو عفروه السابعة، عفروه الثامنة، اختلاف بين الرواة في محله، والمرجح من حيث كثرت الرواة وضبطهم أولاهن، وهو الموافق للمعنى؛ لأنه إذا وضع التراب في الغسلة الأولى أزال أثره ما بعده من غسلات، لكن لو جعلته في الأخيرة؟ احتجت إلى غسلة زائدة لتنظيف الإناء من أثر التراب.
((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم)) إناء أحدكم هذا الإضافة مقصودة وإلا غير مقصودة؟ إذا قلنا: مقصودة ما تغسل إلا إناءك أنت، اللي تملكه أنت، بحيث لو استعرت إناء من جارك، وولغ فيه كلب تعطيه إياه، وتقول له: ترى والله ولغ الكلب فيه، ما تغسله أنت، تصير مقصودة وإلا غير مقصودة؟ غير مقصودة لكن المسألة أغلبية، الغالب أن الإناء الذي عنده هو في ملكه، فيكون إناؤه، جاء في رواية مسلم:((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه)) الأمر بالإراقة، بعضهم يقول: إنها غير محفوظة، لكن إذا قلنا: إن الأمر بالغسل من أجل النجاسة، فالماء قد تنجس، فلا بد من إراقته، لا سيما إذا كان مائعاً، أما إذا كان جامداً وولغ فيه الكلب أو لعقه كما تقدم يلقى ما لعقه وما حوله، كالفأرة تقع في السمن.