وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يوم عاشوراء عام حج، يعني قبل حجه، أو بعد حجه، بعد أن قفل من مكة، عام حاج، أول حجة حجها بعد خلافته سنة أربع وأربعين، هي أول حجة بعد أن استخلف، وآخر حجة حج سنة سبع وخمسين، يقول ابن حجر:"والذي يظهر أن المراد بها في هذا الحديث الحجة الأخيرة، لا الأولى عام حج" وهو على المنبر، منبر المدينة، يقول: يا أهل المدينة أين علماؤكم؟ كأنه لم ير اهتماماً بصيام هذا اليوم، كأنه لم ير اهتمام من أهل المدينة بصيام هذا اليوم، وأهل المدينة يُتعجب من بعض ما صار عندهم، كما سيأتي عند الإمام مالك -رحمه الله- بالنسبة لصيام الست من شوال، أنه ما رأى أحداً من أهل العلم والفضل يصومه، ومعاوية -رضي الله تعالى عنه- يقول: يا أهل المدينة أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لهذا اليوم:((هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه)) ولم يكتب (لم) هذا حرف أيش؟ نفي وجزم وأيش؟ وقلب أيش؟ معنى لم يكتب، يعني قلبت الفعل المضارع من المستقبل إلى الماضي، يعني لم يكتب في الماضي عليكم صيامه، ويستدل بهذا من يقول: أنه لم يفرض أصلاً ما فرض، ولا قبل رمضان، بدليل قوله: لم يكتب عليكم صيامه؛ لأن لم قلبت الفعل، يعني ما كتب أبداً، حتى في الماضي ما كتب، فيستدل بهذا من يقول: أنه لم يكن فرض قط، ولا دلالة فيه لاحتمال أن يكون المراد أنه لم يكتب يعني بعد النسخ، بعد النسخ بفرض صيام رمضان، قال: لم يكتب قلبته إلى الماضي من كلام معاوية -رضي الله تعالى عنه-، لم يكتب قبل يوم هذا، وإن كتب قبل فرض رمضان.
((ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر)) وعرفنا أن صيام يوم عاشوراء سنة مؤكدة، كانوا يأمرون الصبيان ممن يستطيع الصيام أن يصوم هذا اليوم، ولا يفرط في صيام مثل هذا اليوم الذي يكفر سنة إلا محروم، على أنه من أراد أن يصومه فليصم يوماً قبله، وليكن التاسع، أو يوماً بعده وليكن الحادي عشر، مخالفة لأهل الكتاب.