وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب أرسل إلى الحارث بن هشام بن المغيرة، وهو من مسلمة الفتح، هو الذي سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الوحي، في أوائل الصحيح، أرسل إلى الحارث بن هشام أن غداً يوم عاشوراء، غداً يوم عاشوراء، أرسل إليه في اليوم التاسع من المحرم، وقال له: غداً يوم عاشوراء، فصم وأمر أهلك أن يصوموا، وهذا ساقه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- لبيان أن التخيير في الحديثين السابقين ((من شاء صامه ومن شاء تركه)) ((من شاء فليصم ومن شاء فليفطر)) هذا التخيير لم يكن للإباحة، وإنما هو للاستحباب، فعمر أرسل إلى الحارث بن هشام: أن غداً يوم عاشوراء، فصم، وأمر أهلك أن يصوموا، أن ذلك للاستحباب، لا على سبيل الوجوب، وأن ذلك مستمر بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأنه لم يطرأ عليه ما ينسخه، وإن نسخ وجوبه.
باب صيام يوم الفطر والأضحى والدهر:
حدثني يحي عن مالك عن محمد بن يحي بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام يومين، يوم الفطر ويوم الأضحى.
وحدثني عن مالك أنه سمع أهل العلم يقولون: لا بأس بصيام الدهر إذا أفطر الأيام التي نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيامها، وهي أيام منى، ويوم الأضحى، ويوم الفطر، فيما بلغنا، قال: وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك.
يقول -رحمه الله تعالى- باب صيام يوم الفطر والأضحى والدهر:
حدثني يحي عن مالك عن محمد بن يحي بن حبان عن الأعرج -عبد الرحمن بن هرمز- عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى، والأصل في النهي التحريم، وقال بتحريم صيام يومي العيدين عامة أهل العلم، وأن صيامهما حرام، ولا يصح، باطل، ولا يجزئ، ولا ينعقد فيما لو نذره، لا ينعقد، ولا يصح، خلافاً للإمام أبي حنيفة أنه يحرم صومهما؛ لكن لو نذر صيامهما انعقد الصيام، ويصوم يومين مكانهما، نهى عن صيام يومين، يوم الفطر، ويوم الأضحى، والعلماء كافة على تحريم الصيام في هذين اليومين، نقل الإجماع؛ لكن يبقى أنه لو صامه فالصوم باطل؛ لأن النهي يعود إلى ذات المنهي عنه؛ فمع التحريم البطلان، فلا ينعقد لو نذره أو صامه قضاء ما أجزأ، بل يحرم صيامهما.