وسئل مالك عن رجل دخل المسجد لعكوف في العشر الأواخر من رمضان، فأقام يوماً أو يومين، ثم مرض فخرج من المسجد، أيجب عليه أن يعتكف ما بقي من العشر إذا صح أم لا يجب ذلك عليه؟ وفي أي شهر يعتكف إن وجب عليه ذلك؟ فقال مالك -رحمه الله-: يقضي ما وجب عليه من عكوف إذا صح في رمضان أو غيره، وقد بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أراد العكوف في رمضان ثم رجع فلم يعتكف، حتى إذا ذهب رمضان اعتكف عشراً من شوال، والمتطوع في الاعتكاف في رمضان، والذي عليه الاعتكاف أمرهما واحد فيما يحل لهما ويحرم عليهما، ولم يبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان اعتكافه إلا تطوعاً.
قال مالك -رحمه الله- في المرأة: إنها إذا اعتكفت ثم حاضت في اعتكافها إنها ترجع إلى بيتها، فإذا طهرت رجعت إلى المسجد أية ساعة طهرت، ثم تبني على ما مضى من اعتكافها، ومثل ذلك المرأة يجب عليها صيام شهرين متتابعين، فتحيض ثم تطهر فتبني على ما مضى من صيامها، ولا تؤخر ذلك.
وحدثني زياد عن مالك عن ابن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يذهب لحاجة الإنسان في البيوت.
قال مالك -رحمه الله-: لا يخرج المعتكف مع جنازة أبويه ولا مع غيرها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
[باب قضاء الاعتكاف:]
الإمام مالك -رحمه الله- يرى أنه إذا شرع في العبادة لزمه إتمامها، وحرم عليه قطعها، والخروج منها إلا لعذر من مرض أو حيض أو نحوهما، فالعبادة تلزم عنده في الشروع، ويستوي في ذلك الصلاة والصيام والنسك والاعتكاف وغيرها.
"حدثني زياد عن مالك عن ابن شهاب" يقول ابن عبد البر: هذا خطأ، ولا يعرف الحديث عن ابن شهاب، وإنما هو عن يحيى بن سعيد كما في البخاري وغيره، وتردد ابن عبد البر في منشأ الخطأ، هل هو من يحيى أو من زياد؟ لأن مالك يرويه على الصواب في البخاري، مالك عن يحيى بن سعيد.