أما أقوالهم في فساد الحج وعدم فساده وفيما يلزم في ذلك فليس على شيء من أقوالهم في ذلك دليل من كتاب ولا سنة، وإنما يحتجون بآثار مروية عن الصحابة، ولم أعلم بشيء مروي في ذلك عن النَّبي -عليه الصلاة والسلام- إلا حديثاً منقطعاً لا تقوم بمثله حجة: وهو ما رواه أبو داود في المراسيل، والبيهقي في سننه قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن صالح قال: أنبأنا أبو الحسن -إلى أن- عن طريق اللؤلؤي عن أبي داود قال: حدثنا أبو توبة قال: حدثنا معاوية يعني: ابن سلام عن يحيى قال: أخبرني يزيد بن نعيم أو زيد بن نعيم، شك أبو توبة: أن رجلاً من جذم جامع امرأته وهما محرمان، فسأل الرجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لهما:((اقضيا نسككما، وأهديا هدياً، ثم ارجعا حتى إذا جئتما المكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فتفرقا، ولا يرى واحد منكما صاحبه، وعليكما حجة أخرى، فتقبلان حتى إذا كنتما في المكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فأحرما وأتما نسككما وأهديا)) هذا منقطع وهو يزيد بن نعيم الأسلمي بلا شك، انتهى من البيهقي، وتراه صرح بأنه منقطع وانقطاعه ظاهر؛ لأنه يزيد بن نعيم المذكور من صغار التابعين، قال الزيلعي في نصب الراية بعد أن ذكر الحديث المذكور عند أبي داود في المراسيل والبيهقي وذكر قول البيهقي: إنه منقطع ما نصه: وقال ابن القطان في كتابه: هذا حديث لا يصح، فإن زيد بن نعيم مجهول، ويزيد بن نعيم بن هزال ثقة وقد شك أبو توبة، ولا يعلم عمن هو منهما، ولا عمن حدثهم به معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير فهو لا يصح، هذا الخبر مرفوع لا يصح.
قال ابن القطان: وروى ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب: أن رجلاً من جذام جامع امرأته يعني من كلام سعيد أن رجلاً ... ، يروي القصة سعيد وهو لم يشهدهاِ، يرويها تابعي بصيغة (إن)، أن رجلاً من جذام جامع امرأته وهما محرمان، فسأل الرجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لهما:((أتما حجكما ثم ارجعا، وعليكما حجة أخرى، فإذا كنتما بالمكان)) .. إلى آخره.