قال ابن القطان: وفي هذا أنه أمرهما بالتفرق في العودة لا في الرجوع، وحديث المراسيل على العكس منه وقال: وهذا ضعيف أيضاً بابن لهيعة انتهى.
وإذا كانت هذه المسألة المذكورة ليس فيها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا هذا الحديث المنقطع سنده تبين أن عمدة الفقهاء فيها على الآثار المروية عن الصحابة، فمن ذلك ما رواه مالك في الموطأ بلاغاً أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبا هريرة -رضي الله عنهم- سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج؟ فقالوا: يَنْفُذَانِ ويمضيان لوجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما حج قابل والهدي، قال: وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: وإذا أهلا بالحج من عام قابل تفرقا، وهذا الأثر عن هؤلاء الصحابة منقطع أيضاً كما ترى.
وفي الموطأ أيضاً: عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: ما ترون في رجل وقع بامرأته وهو محرم؟ فلم يقل له القوم شيئاً، فقال سعيد: إن رجلاً وقع بامرأته وهو محرم، فبعث إلى المدينة يسأل عن ذلك، فقال بعض الناس: يفرق بينهما إلى عام قابل، فقال سعيد بن المسيب: لينفذا لوجههِما فليتما حجهما الذي أفسداه، فإذا فرغا رجعا، فإن أدركهما حج قابل فعليهما الحج والهدي، ويُهِلانِ من حيث أهَلاَّ بحجهما الذي أفسداه ويتفرقان، حتى يقضيا حجهما، قال مالك: يهديان جميعاً بدنة، يعني بينهما.
"قال مالك في رجل وقع بامرأته في الحج: ما بينه وبين أن يدفع من عرفة ويرمي الجمرة أنه يجب عليه الهدي وحج قابل، قال: فإن كانت إصابته أهله بعد رمي الجمرة فإنما عليه أن يعتمر ويهدي، وليس عليه حج قابل".
ثم ذكر ما يفسد الحج وهو التقاء الختانين.
روى البيهقي بإسناده عن عطاء أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال في محرم بحجة أصاب امرأته يعني وهي محرمة؟ قال: يقضيان حجهما وعليهما الحج من قابل حيث كانا أحرما، ويفترقان حتى يتما حجهما، قال: وقال عطاء: وعليهما بدنة إن أطاعته، أو استكرهها فإنما عيهما بدنة واحدة، وهذا الأثر منقطع أيضاً؛ لأن عطاء لم يدرك عمر -رضي الله عنه-.