"قال مالك: قال الله -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ} والقتل الإزهاق إزهاق الروح بأي وسيلة كانت فهي أعم من الذبح {الصَّيْدَ} [(٩٥) سورة المائدة] والخلاف في المراد بالصيد هل هو مأكول اللحم فقط أو يشمله ويشمل غيره؟ وهذا يتقرر في الباب الذي يليه، في الفواسق التي تقتل في الحل والحرم {وَأَنتُمْ حُرُمٌ} حال كونكم محرمين بأحد النسكين، يقال: أحرم إذا تلبس بالإحرام، دخل فيه، كما يقال: أنجد وأته، وأظلم دخل نجداً ودخل تهامة ودخل في الظلام، {وَأَنتُمْ حُرُمٌ} إما قد تلبستم بالإحرام أو دخلتم الحرم، من باب أحرم فلان أي دخل في الحرم، كما أنه أيضاً يندرج على من دخل في الإحرام، فعرفنا أن تحريم الصيد له سببان: الأول: الشروع في النسك والدخول فيه، الثاني: الحرم، فيمنع لهذا وهذا والحكم واحد، ما يقتله المحرم حكمه حكم ما يقتل في الحرم، ما يقتله المحرم خارج الحرم حكمه حكم ما يقتله الحلال داخل الحرم، وإذا اجتمع الأمران اشتد الأمر، محرم وداخل الحرم يضاعف، لكنها جزاء واحد وإلا أكثر؟ جزاء واحد من باب التداخل {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا} يعني ذاكراً عالماً بالحرمة {فَجَزَاءٌ مِّثْلُ} فعليه جزاء مثل {مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} فجزاءٌ مثلُ بالقطع عن الإضافة، جزاءٌ مثلُ، والقراءة الأخرى فجزاءُ مثلِ بالإضافة، والتعمد شرط عند أهل الظاهر، وبعض العلماء وهو منطوق الآية، وعند الجمهور الآية لا مفهوم لها، مفهومها ملغى؛ لأن هذا إتلاف ويستوي فيه العمد وغير العمد من باب ربط الأسباب بالمسببات، فالمكلف إذا أتلف يلزمه ضمانه سواءً كان أتلف آدمياً أو أتلف متاعاً أو أتلف صيداً كل هذا يلزمه جزاءه، المقصود أن الظاهرية أعملوا منطوق الآية، فعلى هذا من أتلف صيداً قتل صيداً عن غير عمد لا يلزمه شيء عندهم، وعند الجمهور يلزمه لأنه من باب الإتلاف {فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ} يعني بالجزاء، نعم؟