للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن صاحب هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني الذي يرعى شؤونها "قال: يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الهدي؟ " والمراد بالعطب هنا: ما يقرب من التلف والهلاك, لا من فاتت روحه, ولا من ثوي بالفعل؛ إنما قرب منه, بدليل قوله له -عليه الصلاة والسلام-: ((كل بدنة عطبت من الهدي فانحرها)) , لو كانت هلكت بالفعل, لا يجوز فيها النحر؛ تكون ماتت: ((كل بدنة عطبت من الهدي فانحرها, ثم ألقي قلادتها في دمها))؛ ليعرف أنها هدي, فيأكل منها من له الأكل: ((ثم خل بينها وبين الناس يأكلونها))؛ وهذا يعني أنه لا يأكل منها؛ المؤتمن عليها لا يأكل منها, وجاء مصرح به في الصحيح, في صحيح مسلم, لماذا؟ وذلك حسماً للمادة, نعم؛ لئلا يحتاج إليها ثم يزعم أنها عطبت, ولئلا يسرع في تقدير العَطَب المجيز لذبحها, إذا أتيح له الأكل منها؛ مجرد ما تصاب بأدنى شيء؛ ينحرها ويأكل منها؛ لكن إذا عرف أنه لن يأكل منها؛ فلن ينحرها حتى يغلب على ظنه أنها لا يتصل إلى محلها، ((كل بدنة عطبت من الهدي فانحرها, ثم ألقي قلادتها في دمها)) , عرفنا أن الهدي يقلد؛ تفتل القلائد، تعلق عليها النعال, وتشعر؛ إذا كانت من الإبل, ((ثم خل بينها وبين الناس يأكلونها)).

يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: من ساق بدنة تطوعاً فعطبت فنحرها, ثم خلى بينها وبين الناس يأكلونها, فليس عليه شيء" يعني أنه لا يضمنها؛ لا يضمنها إذا كانت تطوع؛ إذا عطبت ثم نحرها, وخلى بينها وبين الناس يأكلونها, هذا لا شيء عليه "وإن أكل منها, أو أمر من يأكل منها غرمها" إن أكل منها لأنها واجبه, أيش؟ "من ساق بدنة تطوعاًَ فعطبت فنحرها, ثم خلى بنيها وبين الناس يأكلونها, فليس عليه شيء, وإن أكل منها" كما تقدم؛ أنه لا يحل له الأكل منها؛ لئلا يتهم في دعوى الطلب, أو لئلا يبادر في تقرير العطب المقتضي للنحر, "أو أمر من يأكل منها غرمها".