يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب البيتوتة بمكة ليالي منى".
البيتوتة بمكة ليالي منى؛ الأصل أن المبيت ليالي منى بمنى، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((خذوا عني مناسككم))، فالمبيت واجب عند جمهور أهل العلم، وقال بعضهم: سنة، والصحيح أنه واجب، لأن السنة لا تحتاج إلى ترخيص، ولا تحتاج إلى استئذان، وليس بركن؛ لأن الركن لا يؤذن فيه، فالجمهور على أن المبيت بمنى واجب، وعلى هذا البيتوتة بمكة ليالي منى لا تجوز؛ لأنه يترتب عليها ترك الواجب، المقصود من هذه الترجمة منع ذلك لوجوب المبيت بمنىً.
قال:"حدثني عن مالك عن نافع أنه قال: زعموا .. " زعموا .. زعموا؛ بأس المطية "زعموا"؛ فكثيرا ما تستعمل "زعموا" في الكلام المشكوك فيه، وتستعمل –أيضاً- بإزاء القول المحقق؛ بمثابة "قال"، وجاء استعمالها في لغة العرب بمعنى "القول" كثير؛ كثيراً ما يقول سيبويه في كتابه:"زعم الكسائي" ويؤيده؛ يرجح قوله؛ فدل على أنه يستعملها بإزاء "القول"، وهنا لعلها بمعنى "القول"؛ المعنى الثاني، ولا يريد أن يشكك بذلك بدليل أنه روى عن مولاه عبد الله بن عمر أن أباه كان يفعل ذلك بسند متصل "زعموا أن عمر بن الخطاب كان يبعث رجالاً يدخلون الناس من وراء العقبة" لأن الذي وراء العقبة ليس من منى، والمبيت بمنى واجب إذاً لابد أن يدخل الناس إلى تحقيق الواجب، وعلى هذا يلزم ولي الأمر أن يرعى مصالح الناس الدينية؛ فإذا رأى الناس خارج ما يجب المبيت به؛ يدخلهم؛ بعض الناس يجهل، فيه بعض الناس يجهل؛ فيقف خارج عرفة؛ فيفوته الحج؛ فعلى ولي الأمر أن يرشده، ويجعل ناس يرشدون الناس لهذا الأمر، وكذلك المبيت بمزدلفة وهو وكذلك المبيت بمنى، وكان عمر يبعث رجالاً يدخلون الناس من وراء العقبة؛ لأن العقبة حد فاصل بين مكة ومنىً؛ على الخلاف بين أهل العلم؛ هل العقبة من مكة أو من منى؟ فجمع من أهل العلم يرون أنها من منى؛ لأن رمي جمرة العقبة تحية منى، وقال آخرون: هي من مكة وليست من منى، وقال الأولون: كيف يقال تحية منى وهي خارج منى؟ أجيبوا بأن تحية البيت الطواف وهو خارج البيت، نعم.
تحية البيت الطواف وهو خارج البيت، وتحية منى الجمرة وهي خارج؛ نعم؟