قال:"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر الصديق بعث جيوشاً إلى الشام، فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان، وكان أمير ربع من تلك الأرباع" لأنه أرسل أربعة جيوش على واحد منها يزيد بن أبي سفيان، أخو معاوية "فزعموا أن يزيد قال لأبي بكر" لأنه شيعه ماشياً ويزيد راكب، يزيد مثل هذا لا يليق/ الخليفة يمشي وهو راكب! "فقال يزيد لأبي بكر: إما أن تركب وإما أن أنزل، فقال أبو بكر: ما أنت بنازل وما أنا براكب، إني أحتسب خطايا هذه في سبيل الله" -رضي الله عنه وأرضاه-، "ثم قال: إنك ستجد قوماً زعموا أنهم حبسوا أنفسهم" يعني رهبان لزموا بيعهم وصوامعهم هؤلاء ما لك بهم دعوى، لا هم يقاتلون، لا يقاتلون، حبسوا لله "فذرهم وما زعموا" وإن كانوا على باطل ذرهم؛ لأن ما على الناس منهم خطر، وهذا من حسن رعاية الإسلام لمثل هؤلاء الضعفاء، بخلاف طرائق الكفار الذين يأتون على كل شيء سواء كان له أثر أو لا أثر له فيتلفونه، والله المستعان، والآن هم مثل ما يقول المثل: رمتني بدائها وانسلت، هم المفسدون في الأرض، ومع ذلك يرمون المسلمين بالعظائم، والله المستعان.
"زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له، وستجد قوماً فحصوا عن أوساط رؤوسهم من الشعر" هؤلاء رؤوس من رؤوس الكفر، من رؤوس النصارى، هؤلاء لهم الأثر في غيرهم "فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف" يعني اضرب هذه الرؤوس بالسيف "وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة" لما ثبت من النهي عن قتل النساء والصبيان "ولا صبياً ولا كبيراً هرماً" قد يقول القائل: إن دريد بن الصمة قتل في حنين وهو شيخ كبير هرم، لكنه له رأي ويخطط ويساعدهم على حربهم "ولا كبيراً هرماً، ولا تقطعن شجراً مثمراً" لأن هذا إفساد، هذا إفساد في الأرض، ومآله بعد الفتح للمسلمين "ولا تخربن عامراً" يعني لا تهدم البيوت "ولا تعقرن شاة، ولا بعير إلا لمأكلة" من أجل الأكل، وقد جاء النهي عن قتل الحيوان إلا لمأكلة؛ لأن هذا فيه إتلاف، إتلاف للمال وإفساد "ولا تحرقن نخلاً" يعني في غزوة بني النظير حرق النبي -عليه الصلاة والسلام- النخل.