للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا أعطى شيئاً في سبيل الله يقول لصاحبه: إذا بلغت وادي القرى فشأنك به" وادي القرى منزل كان بين المدينة والشام، ولماذا خصص وادي القرى؟ لأن الإنسان إذا وصله وبلغه يصعب عليه الرجوع، فيغلب على الظن أنه يستمر إلى ما قصده من الجهاد، لكن لو كان قال: شأنك به من المدينة، احتمال أنه يتملكه ويبيعه ولا يجاهد، لكن إذا قطع نصف المسافة لا شك أنه يتشجع لإكمالها، نظير ذلك لو أن شخص قال: لا أريد أن أدرس في المكان الفلاني في الكلية الفلانية، أو أدرس على الشيخ الفلاني، وهو يشرح الموطأ مثلاً، وأنا أحتاج لهذا الكتاب، أو أحتاج أدرس في كلية الشريعة أحتاج إلى حاشية الروض المربع مثلاً، يقول: أنا أعيرك الكتاب، خذ الكتاب، لكن لا يقول: عطية من أول الأمر؛ لكي لا يراه في يوم لاحق يباع في الكتاب المستعمل؛ لأنه ما يضمن استمراره ما دام في المستوى الأول، أو من الأيام الأولى من الطلب كثير من الطلاب يجربون، يحضرون عند الشيوخ يوم يومين أسبوع، ثم يتركون، فإذا أعطي الكتاب مآله إلا أن يباع، لكن إذا قال: إذا انتهى المجلد الأول فهو لك، إذا انتهى المجلد الأول من الكتاب لا شك أن الطالب يتشجع إلى الاستمرار بالحضور، ومثله لو قال: إذا وصلت إلى المستوى الخامس مثلاً فالكتاب لك، إذا أنهى نصف المرحلة الجامعية حينئذٍ يتشجع على إكمال النصف الثاني فلا يعطيه إياه عطية أو هبة تمليكاً من أول الأمر خشية أن يفرط به، فتقل منفعته، لكن يعطيه الكتاب لأن له أجر من قرأ فيه، وهذا يريد متابعة القراءة فيه، لا يريد أن يعطيه، لو أراد أن يعطيه ليبيعه وينتفع بثمنه أعطاه القيمة مثلاً، وهنا يقول: "إذا بلغت وادي القرى فشأنك به" لماذا؟ لأنه يصعب عليه الرجوع، ويسهل عليه متابعات ما قصد، ومثل هذا إذا انتصف في الدراسة يعني يصعب عليه أن يهدر السنتين، يعني إهدار الكتاب سهل، لكن إهدار سنتين من العمر صعب، فعلى هذا يضمن استمرار الانتفاع بكتابه، يضمن الاستمرار.