وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن سعيد المقبري عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إن قتلت في سبيل الله صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر أيكفر الله عني خطاياي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كيف قلت؟ )) فأعاد عليه قوله، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم، إلا الدين، كذلك قال لي جبريل)).
وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لشهداء أحد:((هؤلاء أشهد عليهم)) فقال أبو بكر الصديق: ألسنا يا رسول الله بإخوانهم، أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بلى، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي)) فبكى أبو بكر، ثم بكى، ثم قال:"أئنا لكائنون بعدك؟! ".
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالساً، وقبر يحفر بالمدينة، فاطلع رجل في القبر، فقال: بئس مضجع المؤمن، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بئس ما قلت)) فقال الرجل: إني لم أرد هذا يا رسول الله، إنما أردت القتل في سبيل الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا مثل للقتل في سبيل الله ما على الأرض بقعة هي أحب إلي أن يكون قبري بها منها)) ثلاث مرات، يعني المدينة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
[باب: الشهداء في سبيل الله]
الشهداء: هم من يقتل في سبيل الله بغزو في الجهاد جهاد الكفار، أو جهاد البغاة، أو المحاربين، أو من يشرع قتالهم، هذا الشهيد الذي هو كما يقول أهل العلم: شهيد الدنيا التي تثبت له أحكام الشهيد بحيث لا يغسل، ويدفن في ثيابه، ولا يصلى عليه، وهناك شهيد آخرة لا شهيد دنيا، وجاء في النصوص ما يدل على أن الغريق أو الحريق وصاحب الهدم والمبطون ومن مات بالطاعون هؤلاء كلهم شهداء، لكنهم شهداء آخرة لا شهداء دنيا، لا تثبت لهم أحكام الشهداء، فيغسلون ويكفنون ويصلى عليهم كغيرهم من أموات المسلمين.