قد يكون الإنسان شهيد في الدنيا والآخرة، وهو ما إذا كان مخلصاً لله -جل وعلا- في جهاده، ولم يأت بما يمنع من الشهادة، قد يحكم له بالشهادة في الدنيا، ترتب عليه أحكامها، وهو في الآخرة الله أعلم بنيته، لكن الناس ما لهم إلا الظاهر، فيرتبون عليه أحكام الشهيد، إذا تحققت له هذه الصورة، ويكون شهيد دينا وآخرة إذا تضافر الآمران عنده بأن وافق ظاهره باطنه.
قال:"حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((والذي نفسي بيده)) " تكرر هذا القسم، وعرفنا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كثيراً ما يقسم به، وفيه إثبات اليد لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته " ((والذي نفسي بيده لوددت أني أقاتل في سبيل الله)) " أجاهد في سبيل الله ((فأقتل)) لما عرف -عليه الصلاة والسلام- من فضل الشهادة، وفضل الشهداء ((ثم أحيا فأقتل)) يعني مرة ثانية ليزيد بذلك أجره عند الله -جل وعلا- وثوابه ((ثم أحيا فأقتل)) ثلاثاً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- عنده الخبر أنه لن يقتل، لا سيما بعد نزول قوله -جل وعلا-: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [(٦٧) سورة المائدة] عنده خبر أنه لن يقتل،