تجلسين وإلا الفراق؟ إذا قالت: أجلس خلاص ما عليه إثم، هذا بطوعها واختيارها، وهو يملك الخيار الثاني، ما الذي يلزمه بإبقائها؟ فإذا اختارت أن تبقى لا جناح عليه حينئذٍ، قد يقول قائل: إن هذا ليس من العشرة بالمعروف، وهذا ليس من المروءة، وهذه أمور أخرى، لكن الكلام في الحكم هل يجوز أو لا يجوز؟ يجوز {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [(١٢٨) سورة النساء] سودة لما رأت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كاد أن يطلقها، أو أراد أن يطلقها وهبت ليلتها لعائشة لمجرد أن تبقى، فالمرأة الكبيرة التي أخذت من عمر زوجها ومن شبابه ومن فتوته عليها أيضاً أن تقتنع، لكن لها أيضاً أن تطلب الفراق إذا كانت لا تطيق ذلك.
هذا في جانب الرجل قد يقول قائل: إن هذا ليس من المروءة، وهذا الخاتمة ليست بطيبة بين الزوجين بعد عشرة العقود، وامرأة قالت لزوجها بعد أربعين سنة: تصنع هذا؟ قال: والله لا أرى فيك عيب إلا الأربعين، العشرة أربعين سنة هي العيب.
على كل حال قد يحصل من المرأة مثل نظير هذا أو أشد، إذا ضعف الرجل أو افتقر لا شك أنها تضغط عليه، وتشترط عليه من الشروط ما كان بريء منها، فالمسألة من الطرفين، المسألة عرض وطلب، إذا زادت أسهم المرأة اشترطت، وإذا انخفضت اشترط هو، وعلى كل حال هذه مسألة معروفة، والآية كالصريحة في الباب، والخبر صريح.
سم.
أحسن الله إليك.
كتاب الطلاق
باب: ما جاء في ألبتة
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رجلاً قال لعبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: إني طلقت امرأتي مائة تطليقة فماذا ترى علي؟ فقال له ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: "طلقت منك لثلاث، وسبع وتسعون اتخذت بها آيات الله هزواً".