للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيع الطعام مما يجري فيه الربا بالطعام الذي يجري فيه الربا, مما يكال ويدخر ويقتات, لا فضل بينهما، فإذا كان ربوي بجنسه لا يجوز فيه الفضل ولا النسأ, وإن بيع بغير جنسه جاز الفضل وحرم النسأ.

قال -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سليمان بن يسار" أحد الفقهاء السبعة من فقهاء المدينة من التابعين "قال: فني" يعني فرغ وانتهى "علف حمار سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- أحد العشرة المبشرين بالجنة فقال لغلامه: خذ من حنطة أهلك" أهل الغلام الذين هم أهل سعد؛ لأن الغلام صار منهم، بمنزلة واحد منهم، وليس معنى أن المراد به أهله أمه وزوجته, أم الغلام وزوجة الغلام لا "خذ من حنطة أهلك فابتع بها شعيراً" يعني خذ حنطة بر واتبع بها شعيراً اشتر بها شعيراً علفاً للحمار "فابتع بها شعيراً ولا تأخذ إلا مثله" لأنهما جنس واحد عند الإمام مالك اعتماداً على هذه الآثار والأخبار التي ذكرها, فالحنطة والشعير جنس واحد عند الإمام مالك, ولهذا قال: "ولا تأخذ إلا مثله" فلا يجوز بيع الحنطة بالشعير مع الفضل أو النسأ, أما بالنسبة للنسأ فهذا متفق عليه؛ لأن الشعير ربوي والبر ربوي, وهل هما جنسان أو جنس واحد؟ خلاف, مالك يرى أنه مجلس واحد فيحرم فيها النوعان من الربا: الفضل والنسيئة, وغيره يرون أنهما جنسان, يجوز التفاضل يأخذ صاع حنطة بصاعين شعير أو العكس, ووافق الإمام مالك بعض الشامين, وشدد بعض أهل الظاهر على مالك في هذه المسألة وجاءوا بكلام جانبوا فيه الأدب, فقالوا: القط أفقه من مالك, بعض أهل الظاهر قالوا ذلك, لماذا؟ لأنك لو قدمت إلى القط قرص من البر من الحنطة, وقرص من الشعير أكل البر وترك الشعير, دل على أنهما ما هما بجنس واحد, قد تقلب المسألة يقال لهذا القائل: الحمار أفقه منك؛ لأنه يفضل الشعير على البر, كل هذا الكلام لا يصلح بين أهل العلم, ولا شك أن هذا فيه إساءة أدب مع الأئمة, إذا كان مالك نجم السنن يقال فيه مثل هذا الكلام من بقي؟ والله المستعان, وهذا رأيه على كل حال, وهو قول مرجوح, عامة أهل العلم على خلافه, الجمهور على خلافه, أن الشعير جنس، والبر جنس يجوز أن يباع متفاضلاً، لكن إذا كان يداً بيد.