للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تلقوا الركبان للبيع)) " "لا تلقوا" أصلها: لا تتلقوا ((لا تلقوا الركبان للبيع)) بهذا القيد أن يكون التلقي للبيع، فالراكب الذي يرد إلى البلد، وهو جاهل بالأسعار، أسعار البلد، ما يتلقى من أجل أن يضيق على أهل البلد، فيترك هذا الراكب الجالب الوافد ليرتزق منه الناس، والمسألة سببها أن الراكب لن يخسر على أي حالٍ من الأحوال؛ لأن الراكب، تصوروا الآن أن الوضع الآن متحد مع ما تقدم، الآن الذي يجلب في الغالب أنه مشترٍ، من صناعة غيره، لكن في السابق هذا الجالب يجلب إبل من راعيته هو، ويجلب طعام من زراعته هو، ويجلب السمن والأقط وغيرها مما لا يتضرر ببيعه إذا باعه بنازل، فيستفيد عموم الناس من هذا النازل، وهو لا يتضرر، ولذا نهي عن التلقي لئلا تحصل المشادة في السعر بحيث لا يستفيد عموم الناس، قد يقول قائل: إن المتلقي يلاحظ مصلحة هذا الراكب؛ لئلا يغبن في بيعه، لكنه بهذه المراعاة أهدر مصلحة الجماعة، ولا شك أن الجماعة أولى بالمراعاة من الواحد، لا سيما إذا لم يتضرر، فهو على كل حال كسبان؛ لأن الأقط من صنيعه، والسمن من عمله وهكذا، لكن لو جاء شخص بسلعةٍ خسر عليها خسائر طائلة واشترى بحر ماله، ثم بعد ذلك دخل إلى البلد إن باعها بنفسه غبن، فهل من باب النصيحة أن يخبر بالثمن، أو يتلقى لتباع له من قبل من له خبرة بالأسعار بحيث لا يتضرر هو ولا يتضرر غيره؟ النهي عام، وإذا باع غبن في بيعه صار له الخيار الغبن بعد ذلك إذا علم، فالتلقي ممنوع على كل حال.