وقال مالك في الرجل يشتري أرضاً فتمكث في يديه حيناً، ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقاً بميراث، إن له الشفعة إن ثبت حقه، وأنما أغلت الأرض من غلة فهي للمشتري الأول إلى يوم يثبت حق الآخر؛ لأنه قد كان ضمنها لو هلك ما كان فيها من غراس، أو ذهب به سيل، قال: فإن طال الزمان أو هلك الشهود أو مات البائع أو المشتري، أو هما حيان فنسي أصل البيع والاشتراء لطول الزمان، فإن الشفعة تنقطع، ويأخذ حقه الذي ثبت له، وإن كان أمره على غير هذا الوجه في حداثة العهد وقربه، وأنه يرى أن البائع غيب الثمن وأخفاه ليقطع بذلك حق صاحب الشفعة قوّمت الأرض على قدر ما يرى أنه ثمنها، ويصير ثمنها إلى ذلك، ثم ينظر إلى ما زاد في الأرض من بناء أو غراس أو عمارة، ويكون على ما يكون عليه من ابتاع الأرض بثمن معلوم، ثم بنى فيها وغرس، ثم أخذها صاحب الشفعة بعد ذلك.
قال مالك: والشفعة ثابتة في مال الميت كما هي في مال الحي، فإن خشي أهل الميت أن ينكسر مال الميت قسموه ثم باعه فليس عليهم فيه شفعة.
قال مالك: ولا شفعة عندنا في عبد ولا وليدة ولا بعير ولا بقرة ولا شاة ولا في شيء من الحيوان ولا في ثوب ولا في بئر ليس لها بياض، إنما الشفعة في ما يصلح أنه ينقسم، وتقع فيه الحدود من الأرض، فأما ما لا يصلح فيه القسم فلا شفعة فيه.
قال مالك: ومن اشترى أرضاً فيها شفعة لناس حضور فليرفعهم إلى السلطان، فإما أن يستحقوا، وإما أن يسلم له السلطان، فإن تركهم فلم يرفع أمرهم إلى السلطان، وقد علموا باشترائه فتركوا ذلك حتى طال زمانه، ثم جاءوا يطلبون شفعتهم فلا أرى ذلك لهم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
[باب: ما لا تقع فيه الشفعة]
بعد أن ذكر في الباب الأول ما تقع فيه الشفعة، وما تدخله الشفعة، ذكر ما لا تقع فيه الشفعة.
"قال -رحمه الله-: قال يحيى: قال مالك: عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن حزم أن عثمان بن عفان قال: إذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة" وهذا مفاده في الحديث المرفوع الصحيح ((إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة)) في الأرض.