يقول:"ولا شفعة في بئر، ولا في فحل النخل" كيف الشفعة في البئر وفي الفحل؟ لأنه يريد أن يحصر الشفعة في ما يمكن قسمه، وتقع فيه الحدود، على ما سيأتي، وأيضاً البئر وفحل النخل لا يمكن بيعه مستقلاً، إلا بالأرض؛ لأنه يباع تبعاً، أو تباع الأرض تبعاً له، فإذا كان الشراء للبئر وفحل النخل فإن الأرض التي تحويه تبعاً له، لا سيما البئر الذي لا يمكن نقله، أما بالنسبة لفحل النخل الذي يمكن نقله فهذا من المنقول الذي لا شفعة فيه عند عامة أهل العلم.
وكأن الإمام -رحمه الله تعالى- جعل خبر عثمان المؤيد بالحديث المرفوع جعله ضابط لما فيه شفعة وما لا شفعة فيه، فما أمكن قسمه، وتقع فيه الحدود قبل ذلك يكون فيه الشفعة، وبعد ذلك، بعد القسم، وتحديد الحدود ورسم المراسيم فإنه حينئذٍ لا شفعة، والبئر وفحل النخل لا يمكن أن تقع فيه الحدود، وحينئذٍ فلا شفعة فيه، كأنه انطلق من هذا الخبر، يعني قعد بقول عثمان، أن الشفعة إنما تكون فيما يمكن أن تقع فيه الحدود، ويمكن قسمته، أما ما لا يمكن قسمته فإنه لا شفعة فيه.
"قال مالك: وعلى هذا الأمر عندنا" عندهم في المدينة، وعلماء المدينة وفقهاء المدينة يقولون بهذا.