قال -رحمه الله-: "حدثنا يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أبي عمرة الأنصاري" صوابه عبد الرحمن بن أبي عمرة "عن زيد بن خالدٍ الجهني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((ألا أخبركم بخير الشهداء؟ )) كأنهم قالوا: نعم، يعني أخبرنا، قال:((الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها، أو يخبر بشهادته قبل أن يُسألها)) يعني الآن لو أدلى شخص بشهادته عند القاضي قبل أن يُسألها تُقبل وإلا ما تُقبل؟ حضر عند القاضي وشهد قبل أن تُطلب منه الشهادة؛ لأنه جاء ذم يعني في أخر الزمان ((ثم يأتي قوم تسبق أحدهم يمينه شهادته، أو شهادته يمينه)) وجاء أيضاً ذم الذين يشهدون قبل أن يُستشهدون، وهنا مدحهم، ولا شك أنها أحوال، فمن خاف من ضياع الحق إذا لم يشهد ينطبق عليه الحديث، يعني لو لم يدلِ بشهادته قبل أن يُسأل لضاع الحق، فمثل هذا يأتي بشهادته قبل أن يُسأل ويكون من خير الشهداء، وإذا كان الحق قائماً بدون شهادته، ولا يُخشى من ضياعه، وصاحب الحق يعرف أن لديه شهادة، عنده شهادة فمثل هذا يذم لو أدلى بالشهادة قبل طلبها، والحديث منزل فيما إذا خفي أمر هذا الشاهد على صاحب الحق، بحيث لو قيل له: أحضر بينة قال: ليس ما عندي بينة، وفي الحقيقة له بينة، العقد تم بمحضر من الناس، وعندهم استعداد أنهم لو طلبوا لشهدوا، فمثل هذا لو خُشي من ضياع الحق يشهدون ولو لم يُسألوا الشهادة، وعليه يتنزل حديث الباب، أما إذا كان الحق مضبوطاًَ لا يُخشى من ضياعه، وصاحب الحق يعرف أن هذا الشخص عنده شهادة فمثل هذا ينتظر حتى تُطلب منه الشهادة.