وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ)).
وحدثني مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا يمنع نقع بئر)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
[باب: القضاء في المياه]
جاء في الحديث:((الناس شركاء في ثلاثة: في الماء والكلأ والنار)) شركاء في الماء، والمقصود به الماء الذي لم يحزه صاحبه إلى رحله، أو ينفق عليه الأموال، فإذا أنفق عليه الأموال في جلبه أو استنباطه ملكه، لكن الماء الذي لم يتعب عليه هذا الناس فيه شركاء، ولا يجوز أن يمنع بحال، وكذلك العشب، والكلأ الرطب واليابس، ومثله النار لا تملك، من أراد أن يقدح منها أو يوري منها ناراً فله ذلك، أو يستصبح بها لا مانع من ذلك، ما لم يتضرر صاحبها، وقل مثل هذا في جميع ما يمكن أن ينتفع به من غير أن يتضرر صاحبه، فعليه أن يبذله، فالأنوار التي على أسوار البيوت مثلاً لو واحد معه خطاب أو ورقة أو فائدة يريد أن يقرأها فوقف عند تحت سور فأخذ يطالع هذه الورقة، فليس لصاحب البيت أن يمنعه من الاستصباح بهذا المصباح، مثل النار، ليس له ذلك؛ لأنه لا يتضرر بهذا، لكن لو كان المصباح فوق الباب والباب عرضة لأن يفتح، ثم قال: أنا جالس أمام الباب أقرأ هذه الورقة نعم يمنعه، له أن يمنعه؛ لأنه يتضرر بهذا، متى فتح الباب اطلع على عوراتهم، فالمقصود أن مثل هذه الأمور التي لا يتضرر أصحابها بها عليهم أن يبذلوها، ولذا جاء ذم من يمنع الماعون، ومثل الماعون الحبل والدلو، وما أشبه ذلك التي يستفيد منه الناس، وهو لا يتضرر بذلك.
منهم من يقول: إذا ملك الأرض ملك الكلأ، ومنهم من يقول: إن الكلأ على إطلاقه، ما لم يتعب عليه، ويحوزه إلى رحله، وإذا تعب عليه ملكه.