"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في سيل مهزور ومذينب" هما واديان يسيلان إذا نزل المطر، قرب المدينة:((يمسك حتى الكعبين، ثم يرسل الأعلى إلى الأسفل)) معلوم أن الماء يأتي من أعلى إلى أسفل، ولا عكس، فإذا نزل من السماء إلى الأرض ذهب ينساب من الجهة العالية إلى الجهة النازلة، وفي طريقه يمر بمزارع، ويكون الأولى به الأول، ويمسكه حينئذٍ إلى الكعب إلى الجدر، ثم بعد ذلك يرسله إلى من بعده، ولا يقال: يترك على طريقته يمشي من دون إمساك لأنه؛ لأن الأعلى يتضرر، إذا كان مجرد مرور يتضرر، بل لا بد أن يمسكه إلى الكعب، لكي يروى الشجر، ثم بعد ذلك يرسله.
وفي هذا قضية أو قصة الزبير مع الأنصاري في قصة شراج الحرة، والتي اتهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بأنه قضى لابن عمته، وحاشاه من ذلك -عليه الصلاة والسلام-، ونزل في ذلك قول الله -جل وعلا-: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(٦٥) سورة النساء] لا بد من هذا، فالأنصاري قال كلمته المقيتة: إن كان ابن عمتك؛ لأن الزبير ابن صفية عمة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى بقضاء أشبه ما يكون بالصلح فيه مصلحة للأنصاري، ثم بعد ذلك قضى بالحكم الشرعي البات، ((أمسك يا زبير إلى أن يصل الماء إلى الجدر)) يعني مقارب للكعبين في هذا الحديث، ثم يرسله إلى من بعده، فلا يمسكه حتى يتضرر من بعده، ولا يتركه ينساب بحيث لا يبقى منه شيء فيتضرر الأعلى، يمسك حتى الكعبين، ثم يرسل الأعلى إلى الأسفل، يتركه ينزل إلى الأسفل، إذا أخذ كفايته بالحد الشرعي.
وهذا الحديث كما هو معروف فيه .. ، هو بلاغ فيه انقطاع، أو فيه إبهام، وهو موصول عند أبي داود وابن ماجه، على كل حال الحديث له شواهد، وهو صحيح.