قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا في المدبر أن صاحبه لا يبيعه، ولا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه، وأنه إن رهق سيده دين فإن غرماءه لا يقدرون على بيعه ما عاش سيده، فإن مات سيده ولا دين عليه فهو في ثلثه؛ لأنه استثنى عليه عمله ما عاش، فليس له أن يخدمه حياته، ثم يعتقه على ورثته إذا مات من رأس ماله، وإن مات سيد المدبر، ولا مال له غيره عتق ثلثه، وكان ثلثاه لورثته، فإن مات سيد المدبر وعليه دين محيط بالمدبر بيع في دينه؛ لأنه إنما يعتق في الثلث.
قال: فإن كان الدين لا يحيط إلا بنصف العبد بيع نصفه للدين، ثم عتق ثلث ما بقي بعد الدين.
قال مالك -رحمه الله-: لا يجوز بيع المدبر، ولا يجوز لأحد أن يشتريه إلا أن يشتري المدبر نفسه من سيده، فيكون ذلك جائزاً له، أو يعطي أحد سيد المدبر مالاً ويعتقه سيده الذي دبره، فذلك يجوز له أيضاً.
قال مالك -رحمه الله-: وولاؤه لسيده الذي دبره.
قال مالك -رحمه الله-: لا يجوز بيع خدمة المدبر لأنه غرر، إذ لا يدرى كم يعيش سيده؟ فذلك غرر لا يصلح.
قال مالك -رحمه الله- في العبد يكون بين الرجلين فيدبر أحدهما حصته: إنهما يتقاومانه، فإن اشتراه الذي دبره كان مدبراً كله، وإن لم يشتره انتقض تدبيره، إلا أن يشاء الذي بقي له فيه الرق أن يعطيه شريكه الذي دبره بقيمته، فإن أعطاه إياه بقيمته لزمه ذلك، وكان مدبراً كله.
قال مالك -رحمه الله- في رجل نصراني دبر عبداً له نصرانياً فأسلم العبد، قال مالك: يحال بينه وبين العبد، ويخارج على سيده النصراني، ولا يباع عليه حتى يتبين أمره، فإن هلك النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن المدبر، إلا أن يكون في ماله ما يحمل الدين فيعتق المدبر.
يعني عرفنا فيما تقدم أن المدبر خرج من يد صاحبه بالتدبير، وأنه لا يملك الرجوع في التدبير، ولذا قال: باب: بيع المدبر، وأن صاحبه لا يملك بيعه على ما تقدم.