فمن محاسن الشرع تشريع هذه الحدود بهذه القوة وبهذه الصرامة، ولا شك أن الأمور تختلف من شخص إلى شخص، هذه الحدود تدرأ بالشبهات، تختلف من شخص إلى شخص، ومن مجتمع إلى مجتمع، فالشخص الذي تقع منه الهفوة والزلة ويتوب، ويستتر بستر الله، هذا لا يبحث عنه، حتى لو اطلع عليه، اطلع عليه من اطلع، وستر عليه يكون مأجوراً، ((من ستر مسلماً في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة)) لكن أصحاب الجرائم، وأرباب المنكرات والسوابق مثل هؤلاء لا يجوز الستر عليهم بحال، وكذا لو انتشرت الفواحش في بلد من البلدان لا يستر على أحد، بل لا بد من أن يؤخذ الناس بعزم وحزم، ولذا جاء قتل الشارب في المرة الرابعة، ((إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه)) ثم في الرابعة قال: ((اقتلوه)) ومن أهل العلم من يرى أنه منسوخ الحد، ومنهم من يرى أنه محكم، فقتل المدمن شرعي، ومنهم من يرى أنه تعزير كقول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، يقول: تعزير إذا استشرى الشرب في بلد من البلدان، ولم يردع الناس الحد يقتل الشارب حتى يرتدع الناس، والله المستعان.
يقول:"حدثنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: "جاءت اليهود إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ )) " رجل وامرأة زنيا، والسياق يدل على أنهما إيش؟ أنهما محصنان "فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ )) " هذا يدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، ويجري عليهم حكم الإسلام إذا تحاكموا إلينا، وإذا تحاكموا إلى الحاكم المسلم هو مخير بين أن يحكم بينهم أو أن يعرض عنهم.
"فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ )) فقالوا: نفضحهم ويجلدون" يعني ما في رجم في التوراة، فيه يفضحون، نفضحهم ويجلدون، يطاف بهم في الأسواق، وتذكر معايبهم، ويقال: إنهم زنوا، ولا رجم "ثم يجلدون" في بعض الطرق ما يدل على أنهم يسودون، تسود وجوههم.