وهنا يقول: قال في الكافي: وأما شبه العمد فتجب فيه الكفارة؛ لأنه أجري مجرى الخطأ، وفي نفي عقوبته، وتحمل العاقلة ديته؛ لأنه أجري مجرى الخطأ في نفي عقوبته، وتحمل عاقلته ديته وتأجيلها، فكذلك في الكفارة؛ ولأنه لو لم تجب الكفارة لم يلزم القاتل شيء؛ لأن الدية تحملها العاقلة، وتجب الكفارة في مال الصبي والمجنون إذا قتل وإن تعمدا؛ لأن عمدهما تجب الكفارة في مال الصبي والمجنون إذا قتلا وإن تعمدا؛ لأنه تقدم أن عمد الصبي والمجنون كخطأ المكلف؛ لأن عمدهما أجري مجرى الخطأ في أحكامه وهذا من أحكامه، وتجب على النائم إذا انقلب على شخص فقتله، وعلى من قتلت بهيمته بيدها.
كيف؟
وتجب على النائم إذا انقلب على شخص فقتله، يعني أروش الجنايات كلها تثبت في حق من رفع عنه القلم، من الصبي والمجنون والنائم، هؤلاء رفع عنهم القلم، لكن إثبات التبعات عليهم في مثل هذا إنما هو من باب ربط الأسباب بالمسببات، لا من باب التكليف، وإنما هو من باب الحكم الوضعي.
وتجب على النائم إذا انقلب على شخص فقتله، وعلى من قتلت بهيمته بيدها أو فمها إذا كان قائدها أو راكبها أو سائقها؛ لأن حكم القتل لزمه، يعني كأنها صارت آلة بيده، فقتلت فصارت هي المباشرة وهو المتسبب، لا يقال: قتل عمد، لكن قاتل بهذه الآلة التي هي الدابة.
وعلى من قتلت بهيمته بيدها أو فمها إذا كان قائدها أو راكبها أو سائقها؛ لأن حكم القتل لزمه، فكذلك كفارته. الفقهاء يقولون: لو رمى قشر موز مثلاً فوطئه شخص فسقط فمات يلزمه، لو بالت دابته في الطريق فسقط أحد فمات يلزمه، ولا شك أن المسألة خلافية بين أهل العلم، لكن هذا القول قول معروف عندهم.
إلى أن قال: ومن عجز عن الكفارة بقيت في ذمته؛ لأنها كفارة تجب بالقتل فلا تسقط بالعجز، ككفارة قصد الصيد الحرمي، والكفارة كما هو معروف عتق رقبة مؤمنة، أو صيام شهرين متتابعين، وليس فيها إطعام.