للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مالك: والأمر عندنا في الذي يحفر البئر على الطريق، أو يربط الدابة، أو يصنع أشباه هذا على طريق المسلمين، أن ما صنع من ذلك مما لا يجوز له أن يصنعه على طريق المسلمين فهو ضامن لما أصيب في ذلك من جرح أو غيره، فما كان من ذلك عقله دون ثلث الدية فهو من ماله خاصة، وما بلغ الثلث فصاعداً فهو على العاقلة، وما صنع من ذلك مما يجوز له أن يصنعه على طريق المسلمين فلا ضمان عليه فيه، ولا غرم، ومن ذلك البئر يحفرها الرجل للمطر، والدابة ينزل عنها الرجل للحاجة، فيقفها على الطريق فليس على أحد في هذا غرم.

وقال مالك في رجل ينزل في البئر فيدركه رجل آخر في أثره فيجبذ الأسفل الأعلى فيخران في البئر، فيهلكان جميعاً أن على عاقلة الذي جبذه الدية.

قال مالك في الصبي يأمره الرجل ينزل في البئر، أو يرقي في النخلة فيهلك في ذلك إن الذي أمره ضامن لما أصابه من هلاك أو غيره.

قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه ليس على النساء والصبيان عقل يجب عليهم أن يعقلوه مع العاقلة فيما تعقله العاقلة من الديات، وإنما يجب العقل على من بلغ الحلم من الرجال.

وقال مالك في عقل الموالي: تلزمه العاقلة إن شاءوا، وإن أبوا كانوا أهل ديوان أو مقطعين، وقد تعاقل الناس في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي زمن أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- قبل أن يكون ديوان، وإنما كان ديوان في زمان عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، فليس لأحد أن يعقل عنه غير قومه ومواليه؛ لأن الولاء لا ينتقل؛ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الولاء لمن أعتق)).

قال مالك: والولاء نسب ثابت.

قال مالك: والأمر عندنا فيما أصيب من البهائم أن على من أصاب منها شيئاً قدر ما نقص من ثمنها.

قال مالك في الرجل يكون عليه القتل فيصيب حداً من الحدود: إنه لا يؤخذ به، وذلك أن القتل يأتي على ذلك كله إلا الفرية فإنها تثبت على من قيلت له يقال له: ما لك لم تجلد من افترى عليك؟ فأرى أن يجلد المقتول الحد من قبل أن يقتل، ثم يقتل، ولا أرى أن يقاد منه في شيء من الجراح إلا القتل؛ لأن القتل يأتي على ذلك كله.