قال يحيى: قال مالك: وإنما ترد الأيمان على من بقي منهم إذا نكل أحد ممن لا يجوز لهم العفو عن الدم، فإن نكل أحد من ولاة الدم الذين يجوز لهم العفو عن الدم، وإن كان واحداً فإن الأيمان لا ترد على من بقي من ولاة الدم إذا نكل أحد منهم عن الأيمان، ولكن الأيمان إذا كان ذلك ترد على المدعى عليهم، فيحلف منهم خمسون رجلاً خمسين يمنياً، فإن لم يبلغوا خمسين رجلاً ردت الأيمان على من حلف منهم، فإن لم يوجد أحد يحلف إلا الذي أدعي عليه حلف هو خمسين يميناً وبرئ.
قال يحيى: قال مالك: وإنما فرق بين القسامة في الدم والأيمان في الحقوق أن الرجل إذا داين الرجل استثبت عليه في حقه، وأن الرجل إذا أراد قتل الرجل لم يقتله في جماعة من الناس، وإنما يلتمس الخلوة، قال: فلو لم تكن القسامة إلا فيما تثبت فيه البينة، ولو عمل فيها كما يعمل في الحقوق هلكت الدماء، واجترأ الناس عليها إذا عرفوا القضاء فيها، ولكن إنما جعلت القسامة إلى ولاة المقتول يُبَدّؤون بها فيها ليكف الناس عن القتل، وليحذر القاتل أن يؤخذ في مثل ذلك بقول المقتول.
قال يحيى: وقد قال مالك في القوم يكون لهم العدد يتهمون في الدم فيرد ولاة المقتول الأيمان عليهم، وهم نفر لهم عدد: إنه يحلف كل إنسان على نفسه خمسين يميناً، ولا تقطع الأيمان عليهم بقدر عددهم، ولا يبرؤون دون أن يحلف كل إنسان عن نفسه خمسين يميناً.
قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.
قال: والقسامة تصير إلى عصبة المقتول، وهم ولاة الدم الذين يقسمون عليه، والذين يُقتل بقسامتهم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: