للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالدار التي يهلك بها أكثر ساكنيها توصف بالشؤم؛ لأن الله -عز وجل- قد خصها بكثرة من قبض فيها، فمن كتب الله عليه الموت في تلك الدار حسن إليه سكَّانها ...

سُكْناها.

أحسن الله إليك.

فمن كتب الله عليه الموت في تلك الدار حسن إليه سُكناها، وحركه إليها حتى يقبض روحه في المكان الذي كتب له، كما ساق الرجل من بلد إلى بلد للأثر والبقعة التي قضى أن يكون مدفنه بها.

قالوا: وكذلك ما يوصف من طول أعمار بعض أهل البلدان ليس ذلك من أجل صحة هواء، ولا طيب تربة، ولا طبع يزداد به الأجل، وينقص بفواته، ولكن الله سبحانه قد خلق ذلك المكان، وقضى أن يسكنه أطول خلقه أعماراً، فيسوقهم إليه، ويجمعهم فيه، ويحببه إليهم، قالوا: وإذا كان هذا على ما وصفنا في الدور والبقاع جاز مثله في النساء والخيل، فتكون المرأة قد قدر الله عليها أن تتزوج عدداً من الرجال ويموتون معها، فلا بد من إنفاذ قضائه وقدره، حتى أن الرجل ليقدم عليها من بعد علمه بكثرة من مات عنها لوجه من الطمع يقوده إليها حتى يتم قضاؤه وقدره فتوصف المرأة بالشؤم لذلك، وكذلك الفرس، وإن لم يكن لشيء من ذلك فعل ولا تأثير.

وقال ابن القاسم: سئل مالك عن الشؤم في الفرس والدار؟ فقال: إن ذلك كذب فيما نرى كم من دار قد سكنها ناس فهلكوا، ثم سكنها آخرون فملكوا، قال: فهذا تفسيره فيما نرى، والله أعلم.

وقالت طائفة أخرى: شؤم الدار مجاورة جار السوء، وشؤم الفرس ألا يغزى عليها في سبيل الله، وشؤم المرأة أن لا تلد وتكون سيئة الخلق.

وقالت طائفة أخرى منهم الخطابي: هذا مستثنى من الطيرة، أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع والطلاق ونحوه، ولا يقيم على الكراهة والتأذي به فإنه شؤم، وقد سلك هذا المسلك أبو محمد بن قتيبة في كتاب: مشكل الحديث له لما ذكر أن بعض الملاحدة اعترض ...

اسمه: تأويل مختلف الحديث.

أحسن الله إليك.

والمعنى واحد، نعم.

لما ذكر أن بعض الملاحدة اعترض بحديث هذه الثلاثة.

وقالت طائفة أخرى: الشؤم في هذه الثلاثة إنما يلحق من تشاءم بها وتطير بها، فيكون شؤمها عليه.