للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"حدثني عن مالك أنه بلغه أن لقمان الحكيم" هذا لا من الكتاب ولا من السنة، يعني ممن تقدم، وكأن ما جاء في الكتاب والسنة مثلما ذكرنا محفوظ عند الجميع، لا يحتاج إلى تستطير ولا تدوين، ولو لم يكن في ذلك إلا قوله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) وهذا مما اتفق الأئمة في تخريجه، لكن مالك -رحمه الله- عدل عن ذلك كله إلى ما بلغه أن لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال: "يا بني جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك" لأنه قد تكون النصوص في الحث على العلم معروفة لدى طالب العلم، لكن كيف يطلب العلم؟ هل يطلب العلم من خلال الكتاب والمصنفات وهذا موجود قديماً؟ أو يكتفي بالآلات كما وجد الآن؟ يكتفي بسماع الأشرطة، وتفريغها على المتون؟ أو يحضر الدرس من خلال الشبكة؟ أو يزاحم العلماء؟ لا شك أن الأجر المرتب على سلوك الطريق، والتماس العلم إنما هو بالذهاب إلى أهل العلم، ومزاحمتهم في أماكنهم، يقول: "يا بني جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك" ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً)) هل نقول: إن الذي شغل المسجل، أو الآلة في منزله سلك الطريق؟ نعم إذا لم يوجد وسيلة إلا هذه، هذا معذور، ويكون سلك طريقاً مناسباً له، ويرجى أن يدخل في الوعد، لكن من أمكنه الوصول إلى أهل العلم ثم جلس في بيته إيثاراً للراحة، وطلباً للسلامة هذا لا يحصل له ما وعد به؛ لأنه ما سلك طريقاً، إذا عجز عن سلوك الطريق، إذا منع من سلوك الطريق بغير إرادته هذا يثبت له الأجر مثل هذا، لكن من كان بإمكانه أن يسلك الطريق على الجادة المعروفة عند أهل العلم، بالمثول لديهم، أو عندهم، "جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك" زاحمهم، يعني كلما استطعت أن تقرب من الشيخ فاحرص، يعني ليس المراد بالعلم هو مجرد الكلمات التي تخرج من العالم، والتوجيهات التي تصدر منه، لا، كثير من الطلاب يستفيد من بعض الشيوخ لا أقول: جميع الشيوخ من بعض الشيوخ من سمته وهديه أكثر مما يستفيد من علمه، وعلى هذا قال: "وزاحمهم بركبتيك، فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة" يعني بالعلم من الكتاب والسنة "بنور الحكمة كما يحيي الله الأرض الميتة بوابل السماء" نعم القلوب تحتاج إلى الغيث