"وعن أن يشتمل الرجل بالثوب الواحد على أحد شقيه" مع أن اللفظ يحتمل أن يكون الثوب ساتر لشق دون شق، الشق الثاني احتمال أن تنكشف معه العورة لضيقه، أو كما جاء في الروايات الأخرى: أنه يلف به بدنه فلا يستطيع إخراج يده منه لدفع ما يؤذيه، وهذا هو المعروف عند الفقهاء باشتمال الصماء.
"وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رأى حلة سِيراء" ثوب من حرير والسيراء المخططة كأن فيها سيور، وهي الخطوط.
"تباع عند باب المسجد" وهذا يدل على أن البيع عند أبواب المساجد لا شيء فيه، ما لم يترتب عليه تضييق على الناس، وإيذاء لهم، أو الوقوف أمام أبواب البيوت، أو ما أشبه ذلك، فإن وجد مثل هذا منع لهذه العوارض، وإلا فالأصل الجواز؛ لأنه لا يجوز البيع داخل المسجد، وأما عند باب المسجد فلا بأس.
"تباع عند باب المسجد، فقال: يا رسول الله لو اشتريت هذه الحلة فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك" يوم الجمعة يستحب أهل العلم كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل يلبس أحسن ثيابه، ويتنظف ويتطيب، ويغتسل، وكذلك يتجمل للوفد؛ لأن فيه إظهار هيبة المسلمين، وفيه أيضاً إكرام لهؤلاء الوفود.
"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة)) " يعني لا نصيب له في الآخرة؛ لأنها حرام على ذكور هذه الأمة؛ لأنها حرير.
"ثم جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منها حلل" جيء بحلل من اليمن، ومن البحرين، ومن الجهات، "فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة، فقال عمر: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت؟ " أنه يلبسها من لا خلاق له "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لم أكسكها لتلبسها)) " احتمال أنه كساها ليبيعها وينتفع بثمنها، احتمال أن يكسوها زوجته، أو إحدى بناته ممن تحل له، "فكساها عمر أخاً له مشركاً بمكة" الواضح من قوله: "فكساها" أنه أعطاه إياها ليلبسها كسوة، لا أنه أعطاه إياها ليستفيد من ثمنها، أو يكسوها زوجته، وإن كان المشرك مخاطب بفروع الشريعة كالمسلم.