للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: "وحدثني عن مالك عن عفيف بن عمرو السهمي عن رجل من بني أسد أنه سأل أبا أيوب -خالد بن زيد بن كليب- الأنصاري -البدري- فقال: إني أصلي في بيتي ثم آتى المسجد فأجد الإمام يصلى أفأصلي معه؟ فقال أبو أيوب: نعم فصل معه، فإن من صنع ذلك فإن له سهم جمع، أو مثل سهم جمع" والخلاف في هذا الكلام كثير، فمنهم من يقول: إن المراد به أنه يضعف له الأجر، يعطى الأجر مرتين، يجمع له أجرٌ آخر مع أجره السابق، وقيل: إنه يكون له مثل أجر المجاهد؛ لأن الجمع الجيش {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} [(٤٥) سورة القمر] {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ} [(٦١) سورة الشعراء] فيكون له مثل أجر المجاهد، يعني واحد من أفراد الجمع الذي هم الجيش، أغرب بعضهم فقال: له مثل أجر من بات بمزدلفة؛ لأنها جمع، بُعد إغراب، يعني الأقرب أن له سهم جمع، يعني يدرك الجماعة في ذلك كمن صلى في جماعة، هذا أقرب ما يمكن؛ لأن الموضوع كله في إدراك الجماعة وعدمها، وهو صلى منفرد، وأعاد الصلاة مع الجماعة مريداً بذلك أجر الجماعة لن يحرمه الله -جل وعلا- من أجر الجماعة، نعم صلاته الفريضة التي يطلب لها الجماعة صلاها منفرداً، لكن إعادته لها تدل على أنه حريصٌ على الجماعة، فلن يحرمه الله -جل وعلا- عن ثواب الجماعة -إن شاء الله تعالى-.

"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من صلى المغرب أو الصبح ثم أدركهما مع الإمام فلا يعد لهما" من صلى المغرب أو الصبح يعني منفرداً ثم أدركهما مع الإمام فلا يعد لهما للنهي عن الصلاة بعد الصبح لأنه صلى الصبح، وهو منهي أن يصلي بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس؛ ولأن النافلة لا تكون وتراً وصلاة المغرب وتر، وإلى هذا ذهب الأوزاعي والحسن والثوري، ولم يذكر ابن عمر العصر، وإن كان النهي عن الصلاة بعدها مثل النهي عن الصلاة بعد الصبح، قالوا: لأن ابن عمر يرى أن النهي بعد العصر إنما يكون بعد الاصفرار.