للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر ابن حجر وغيره أن الظاهرية قالوا بوجوب الركعتين ركعتي تحية المسجد، وإن صرح ابن حزم بعدم الوجوب، لا يمنع أن يكون واحد من أئمة المذهب يخالف المذهب.

وثبت عن جمعٍ من الصحابة أنهم يدخلون المسجد ثم يخرجون ولا يصلون، ومن أقوى ما يستدل به على عدم الوجوب قول الأعرابي لما سأل عن الخمس قال: هل علي غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) هذا يدل على أنه لا يجب غير الخمس على خلافٍ بين أهل العلم في مثل الوتر، مثل صلاة العيد، وصلاة الكسوف عند من يقول بوجوبها، والمسألة استدلال بالعموم يلجأ إليه إذا لم يعارضه ما هو أخص منه، وعلى كل حال الأدلة كثيرة على عدم الوجوب، وإليه ذهب عامة أهل العلم.

ثم قال: "وحدثني عن مالك عن أبي النضر -عن سالم بن أبي أمية أبي النضر- مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال له" أبو سلمة بن عبد الرحمن قال لأبي النضر: "ألم أر صاحبك" يعني مولاه عمر بن عبيد الله المذكور "إذا دخل المسجد يجلس قبل أن يركع" ينتقد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين)) وعمر بن عبيد الله يدخل المسجد ولا يركع ركعتين "قال أبو النضر يعني بذلك عمر بن عبيد الله، ويعيب ذلك عليه أن يجلس إذا دخل المسجد قبل أن يركع" يعني التحية، فإذا كان حكمها الاستحباب والندب فلا يعني أن الإنسان إذا لم يصل هاتين الركعتين يأثم، لكن هذا ليس بمبرر للشخص أن يفرط بمثل هذه السنة المأمور بها وإن لم يأثم، يعاب إذا كان ديدنه ذلك، هذا لا شك أنه حرمان، وعدم اكتراث بالسنة، وأهل العلم يقدحون بالمواظبة على ترك السنن، والذي يترك الوتر وإن كان سنة يقول الإمام أحمد: هذا رجل سوء ينبغي أن لا تقبل شهادته، لكن هل يأثم؟ لا يأثم.