"فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خمس صلوات في اليوم والليلة)) يعني المطلوب منك خمس صلوات في اليوم والليلة "قال: هل علي غيرهن؟ قال:((لا، إلا أن تطوع)) " يعني لا يجب في اليوم والليلة إلا خمس صلوات، وبهذا يستدل من يقول بعدم وجوب صلاة غير هذه الصلوات الخمس، فماذا عن صلاة العيد؟ ماذا عن صلاة الكسوف؟ ماذا عن صلاة الجنازة؟ الصلوات كثيرة، صلاة الوتر قيل بوجوبها، وحينئذٍ يحمل هذا الحديث على أن الصلاة الثابتة الدائمة المتكررة في كل يوم خمس صلوات، ولا يمنع أن يزاد على هذه الخمس شيء غير ثابت ولا متكرر، أو يزاد عليها من الواجب ما لا يكون وجوبه كوجوب هذه الصلوات الخمس، خمس صلوات في اليوم والليلة وجوبها على سبيل الفرض والتأكيد بخلاف ما يجب من الصلوات غير الخمس عند من يقول بالوجوب، قال الحنفية بوجوب الوتر ووجوب صلاة العيد، وقال بعضهم بوجوب صلاة الكسوف للأمر بها، وصلاة الجنازة معروفة واجب على الكفاية عند عامة أهل العلم.
"قال: هل علي غيرهن؟ قال:((لا، إلا أن تطوع)) إلا أن تطوع استثناء منقطع وإلا متصل؟ ما معنى الاستثناء المتصل والمنقطع؟ المتصل من جنس المستثنى به، والمنقطع من غير جنسه، كما تقول: قام القوم إلا زيداً هذا متصل، وقام القوم إلا حماراً منقطع، هنا ((لا، إلا أن تطوع)) استثناء متصل وإلا منقطع؟ هل التطوع من جنس ما أوجب الله على المسلم في اليوم والليلة؟ إذاً الاستثناء؟ منقطع، بعضهم يقول: هو استثناء متصل، الخمس مكتوبة مفروضة، وما عداها تطوع فكيف نقول: واجب من أجل أن يكون الاستثناء متصل؟ بعضهم قال هذا، قال: إن الاستثناء متصل "قال: ((لا، إلا أن تطوع)) أصلها تتطوع، قال بعضهم: الاستثناء متصل، وهذا التطوع واجب؛ لأنه استثني من الواجب، ومتى يجب من التطوع؟ بالشروع، بمعنى أنه إذا شرع في نافلة لزمه إتمامها، إذا دخل في نافلة تطوع لزمه إتمامها، فيكون في الأصل تطوع لكنه إذا شرع فيه وجب عليه، ولا يجوز له حينئذٍ الخروج منه إلا بعذر، فيكون هذا التطوع واجباً بالشروع، وعلى هذا يكون الاستثناء متصلاً.