نعم يؤذن ويقام لها؛ لأن لو كان العدو في جهة القبلة جاء في بعض الصفات ما يناسب أنه يصلي يجعلهم صفين فيصلي الركعة الأولى بالصف الأول ثم يستأخر أصحاب الصف الأول إلى الصف الثاني ويتقدم أصحاب الصف الأول ويصلي بهم الركعة التي بقيت، ثم بعد ذلك يتمون لأنفسهم، المقصود أنه مثل ما ذكرنا الوجوه كلها صحيحة والصور ثابتة، ستة أو سبعة أو تسعة على ما قال ابن حبان, وعلى الإمام أن يفعل الأحوط للصلاة، الأقل مخالفة للصلاة، الأحوط لها والأبلغ في الحراسة.
ويتقدم الذين لم يصلوا للإمام فيركعون معه ركعة ثم ينصرف الإمام من صلاته بالتسليم وقد صلى ركعتين، فتقوم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة ركعة، وبالتكرار؛ لأن كل واحد منهم يصلي لنفسه ركعة، يعني كل واحد منهم تخصه ركعة، ليس معنى هذا أن الجميع يصلون ركعة، لا، بل كل واحد منهم يصلي ركعة وهذه فائدة التكرار.
بعد أن ينصرف الإمام من الصلاة فيكون كل واحدة من الطائفتين قد صلوا ركعتين، وهنا يقول الحافظ ابن حجر:"لم تختلف الطرق عن ابن عمر في هذا، وفي ظاهرهم أنهم أتموا في حالة واحدة" يعني في ظاهر اللفظ يدل على أنهم أتموا في حالة واحدة في آنٍ واحد الطائفة الأولى والطائفة الثانية، ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب وهو الراجح من حيث المعنى، وإلا لو أتموا في آنٍ واحد للزم على ذلك تضييع الحراسة المطلوبة، وإفراد الإمام وحده، ويرجحه ما رواه أبو داود عن ابن مسعود ولفظه: ثم سلم فقام هؤلاء -أي الطائفة الثانية- فقضوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا ثم ذهبوا ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا، ظاهر حديث ابن مسعود أن الطائفة الثانية لما سلم الإمام أتموا في مكانهم، ثم انصرفوا إلى جهة الحراسة فأتت الطائفة الأولى فأتموا لأنفسهم، وظاهره أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها ثم أتمت الطائفة الأولى بعدها وهذه الصفة اختارها أشهب والأوزاعي والحنفية، ورجحها ابن عبد البر لقوة إسنادها، ولموافقتها الأصول في أن المأموم لا يتم صلاته قبل سلام إمامه.