للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يُثبت المنع ما قاله الأئمة الأعلام في تحريم إحياء الممنوع من الآثار:

قال الإمام ابن وضاح (ت: ٢٨٦ هـ):

كان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار للنبي ما عدا قباء وحده (١).

وسمعتهم يذكرون أن سفيان الثوري دخل مسجد بيت المقدس فصلى فيه، ولم يتبع تلك الآثار ولا الصلاة فيها، وكذلك فعل غيره أيضًا ممن يقتدى به.

وقدم وكيع أيضًا مسجد بيت المقدس فلم يعد فعل سفيان.

وقال : فعليكم بالاتباع لأئمة الهدى المعروفين؛ فقد قال بعض من مضى: كم من أمر هو اليوم معروف عند كثير من الناس كان منكرًا عند من مضى، ومتحبب إليه بما يبغضه عليه، ومتقرب إليه بما يبعده منه، وكل بدعة عليها زينة وبهجة (٢).

وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي (ت: ٥٢٠ هـ):

انظروا رحمكم الله أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمونها، ويرجون البُرْءَ والشفاء من قِبَلها، ويضربون بها المسامير والخِرَق؛ فهي ذات أنواط، فاقطعوها (٣).

وقال الحافظ أبو شامة (ت: ٦٦٥ هـ):

ما قد عَمَّ به الابتلاء، من تزيين الشيطان للعامّة تخليق الحيطان والعُمُد، وسرج مواضع مخصوصة من كل بلد، يحكي لهم حاكٍ أنه رأى في منامه بها أحدًا ممن شُهِرَ بالصلاح والولاية، فيفعلون ذلك، ويحافظون عليه، مع تضييعهم فرائض الله وسننه، ويظنون أنهم متقربون بذلك، ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم فيعظمونها، ويرجون الشفاء لمرضاهم،


(١) وردت في كتاب ابن وضاح: قباء وأُحدًا، وجاءت في رواية الشاطبي عن ابن وضاح: قباء وحده ينظر: الاعتصام، للشاطبي (١/ ٤٤٩)، والصحيح والله أعلم ما أثبتنا بأنها: قباء وحده؛ لدلالة السياق.
(٢) البدع والنهي عنها (٨٨ - ٨٩).
(٣) الحوادث والبدع (٣٨ - ٣٩).

<<  <   >  >>