للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقضاء حوائجهم بالنذر لها، وهي من بين عيون، وشجر، وحائط، وحجر (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ):

كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، يذهبون من المدينة إلى مكة حجاجًا وعمارًا ومسافرين، ولم ينقل عن أحد منهم أنه تحرى الصلاة في مصليات النبي ، ومعلوم أن هذا لو كان عندهم مستحبًّا لكانوا إليه أسبق، فإنهم أعلم بسُنَّته، وأتبع لها من غيرهم (٢).

وقال : فمن قصد بقعة يرجو الخير بقصدها، ولم يستحب الشارع قصدها، فهو من المنكرات، وبعضه أشد من بعض، سواء قصدها ليصلي عندها، أو ليدعوا عندها … (٣).

وقال : وأصل دين المسلمين: أنه لا تختص بقعة بقصد العبادة فيها إلا المساجد خاصة، وما عليه المشركون وأهل الكتاب، من تعظيم بقاع للعبادة غير المساجد كما كانوا في الجاهلية يعظمون حراء، ونحوه من البقاع فهو مما جاء الإسلام بمحوه وإزالته ونسخه (٤).

وقال : ولم يشرع الله تعالى للمسلمين مكانًا يقصد للصلاة إلا المسجد، ولا مكان يقصد للعبادة إلا المشاعر، فمشاعر الحج كعرفة ومزدلفة ومنى تقصد بالذكر والدعاء والتكبير لا الصلاة، بخلاف المساجد، فإنها هي التي تقصد للصلاة، وما ثم مكان يقصد بعينه إلا المساجد والمشاعر، وفيها الصلاة والنسك …

وما سوى ذلك من البقاع فإنه لا يستحب قصد بقعة بعينها للصلاة ولا الدعاء ولا الذكر إذ لم يأت في شرع الله ورسوله قصدها لذلك، وإن كان مسكنًا لنبي أو منزلاً أو ممرًّا.

فإن الدين أصله متابعة النبي وموافقته بفعل ما أمرنا به وشرعه لنا


(١) الباعث على إنكار البدع والحوادث (٢٥ - ٢٦).
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٢٧٨).
(٣) المرجع السابق (٢/ ١٥٨).
(٤) المرجع السابق (٢/ ٣٥٤).

<<  <   >  >>