للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعذاب قد اكتسبت السخط بما نزل ساكنيها وصارت الأرض ملعونة (١).

قال ابن قيّم الجوزية (ت: ٧٥١ هـ): أن من مرّ بديار المغضوب عليهم والمعذبين لم ينبغ له أن يدخلها ولا يقيم بها؛ بل يسرع السير ويتقنع بثوبه حتى يجاوزها (٢).

قال ابن حجر العسقلاني (ت: ٨٥٢ هـ): وفي الحديث الحث على المراقبة والزجر عن السكنى في ديار المعذبين والإسراع عند المرور بها (٣).

فإذا وافق المسلم في طريق سفره ديار المعذبين ولم يُنشاء السير إليها، ودون أن يقصدها، فتجاوزها بسرعة وخوف ووجل، وعظة وعبرة وبكاء، ففي هذه الحالة فإن فعله موافق لما جاء عن النبي صورةً وقصدًا، ولا يعتبر ممن أحيا آثار الأمم الهالكة.

وأما الذي يقصد آثار المعذبين وديارهم بالزيارة، وينشاء السير أو يشد الرحال إليها، أو يدعو إلى تهيئتها للسياحة هو الذي يعدّ صورة من صور الإحياء الممنوعة شرعًا.

ومن الجدير بالتنبيه أن مواقع العذاب كلها داخلة في هذا التوجيه النبوي، كما علّق الحافظ ابن حجر العسقلاني على حديث مرور النبي من الحِجْر وهو في طريقه لغزوة تبوك قائلاً: وهذا يتناول مساكن ثمود وغيرهم ممن هو كصفتهم وإن كان السبب ورد فيهم (٤).


(١) شرح العمدة في الفقه، لشيخ الإسلام ابن تيمية (٥٠٨).
(٢) زاد المعاد، لابن القيم (٣/ ٤٨٨).
(٣) فتح الباري، لابن حجر (١/ ٥٣١).
(٤) المرجع السابق (٦/ ٣٨٠).

<<  <   >  >>