للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ *﴾ [القصص] (١).

قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: لم يسكنها إلا المسافر، ومارُّ الطريق يومًا أو ساعة (٢)؛ لشؤم ما وقع فيها من معاصيهم (٣).

وعلى هذا التقدير: لم تسكن من بعد هلاك أهلها إلا قليلاً؛ لأن منازل المهلَكين لم تسكن بعد هلاكهم ألبته، ولم يخلفهم فيها أحد، فبقيت خرابًا غير مسكونة (٤).

ومعلوم أن العقيدة الإسلامية لا تقف ضد الدراسات التاريخية (٥) من حيث كونها دراسات، ولكن تهمها المقاصد والغايات، فإن كان المقصد التذكير بمآل ومصير الأمم الهالكة فنعم (٦)، فبالآيات القرآنية التي تقرع القلوب، وبالآثار المروية الصحيحة، التي وصفت لنا حالهم ومآلهم.

وقد قال أحد السلف: مَنْ لم يردعه القرآن والموت، ثم تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع (٧).

أما الالتزام بربط المسموع بالحس للتعليم والتذكير، فهذا قد يؤثر في مسألة عدم الإيمان وتصديق الخبر إلا إذا كان مرئيًا ماديًا محسوسًا، وهو السبب الرئيس الذي دفع المشركين لتجسيد الآلهة والمعبودات، والمؤدي غالبًا إلى عبادة الأصنام والأوثان (٨).


(١) يُنظر: أحكام السياحة، لابن جبرين (٦٠ - ٦١).
(٢) يُنظر: الكشف والبيان، للثعلبي (٧/ ٢٥٦).
(٣) يُنظر: فتح القدير، للشوكاني (٤/ ١٨١).
(٤) يُنظر: التفسير البسيط، للواحدي (١٧/ ٤٢٩)، والوسيط في تفسير القرآن المجيد، له (٣/ ٤٠٤).
(٥) ذكرت في التمهيد لفتة عن أهمية معرفة التاريخ راجع فضلاً (٣٤).
(٦) يُنظر: أحكام السياحة وآثارها، لهاشم ناقور (٢٣٣).
(٧) المقولة للحسن بن عبد العزيز الجذامي الجروي المصري (ت: ٢٦٠ هـ). يُنظر: تاريخ الإسلام، للذهبي (٦/ ٦٦).
(٨) يُنظر: تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة، لأبي الريحان البيروني الخوارزمي (٧٨)، تعظيم المشاهد والآثار، لعبد العزيز الجفير (٦٤).

<<  <   >  >>