للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمشاهد والأماكن ونحوها (١)؛ لأن التبرك عبادة، وصرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله، هو تأليه مع الله وإشراك به (٢).

ودليل النهي عن ذلك حديث أبي واقد الليثي قال: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ إِلَى حُنَيْنٍ وَنَحْنُ حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ وَكَانُوا أَسْلَمُوا يَوْمَ الْفَتْحِ قَالَ: فَمَرَرْنَا بِشَجَرَةٍ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله اجعل لنا ذات أنواط كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكِفُونَ حَوْلَهَا وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يَدْعُونَهَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ فَلَمَّا قُلْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ وَقُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ *﴾ لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ»» (٣).

ولتوضيح أوجه تحريم التبرك بالآثار من خلال حديث أبي واقد الليثي ؛ سأذكر ما يلي:

١ أن هذا الحديث أصل في تحريم التبرك بالآثار؛ لتغليظ النبي على من طلب بأن يجعل لهم ذات أنواط، حيث إنه كبّر، وشبّه فعلهم بفعل بني إسرائيل، ولم يعذرهم لكونهم حديثي عهد بالإسلام في قصدهم؛ استعظامًا للأمر الذي طلبوه (٤).

٢ جاء النهي عن العكوف عند الأثر، والعكوف هو ملازمة الشيء والإقامة عليه بالمكان ولزومه على وجه التعظيم والقربة (٥).

ومنه قوله: ﴿مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ *﴾ [الأنبياء]، وجاء في الحديث: أنهم كانوا يعكفون عند شجرة: ذات أنواط تبركًا بها.


(١) يُنظر: القول السديد في شرح كتاب التوحيد، لعبد الرحمن السعدي (٥٤).
(٢) يُنظر: الملخص في شرح كتاب التوحيد، لصالح الفوزان (٩٢).
(٣) سبق تخريجه راجع فضلاً (١٠٨).
(٤) يُنظر: القول المفيد على كتاب التوحيد، لابن عثيمين (١/ ٢٠٤، ٢٠٩).
(٥) يُنظر: تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، لسليمان بن عبد الله (١/ ٢٣٠)، التمهيد لشرح كتاب التوحيد، لصالح آل الشيخ (١٣٢).

<<  <   >  >>