هو أبو الحسن عليّ بن سليْمان بن الفضل، قَدِم مِصرَ سنة سبع وثمانين ومئتين، وخرجَ عنها سنة ثلاثمئة، مَعَ عليّ بن أحمد بن بِسْطام إلى حلب، فأقام معه إلى أن تقلَّد ابنُ بسطام خراج مصر ثانية سنة خمس وثلاثمئة، ففارقه الأخفش، وقدم ابنُ بسطام مصر، وانحدر الأخفشُ إلى بغداذَ؛ فكان مقامه بمصر إلى أن خرج عنها ثلاث عشرة سنة وأشهر.
أخبرني أبو الفتح محمود بن الحسين بن السندي بن ساهك الكاتب المعروف بكُشَاجم، أخبرني أبو الحسن علي بن سليمان قال: استهدَى إبراهيم بن المدبّر محمدَ بن يزيد جليسًا يجمع إلى تأديب ولده الإمتاعَ بإيناسه ومُبَاسمته، فندبني إلى ذلك، وكتب معي إليه: قد أنفذتُ إليك -أعزك الله- فلانًا، وجملةُ أمرِه كما قال الشاعر:
إذا زرتُ الملوكَ فإنَّ حَسْبي ... شفيعًا عندهم أنْ يَخبُروني
وحدَّثني أبو عليٍّ قال: كان عليُّ بن العباس الرومي لا يَدَع التطيُّر والتفاؤل في جميع حركاته وتصرُّفه، وكان عليُّ بن سليمان الأخفش قد أُولع باعتراضه في مخارجه بما يتطيَّر به، فربما صَرَفه بذلك عن وجْهه، وربما دقَّ عليه الباب، فإذا قال: مَنْ أنت؟ قال: الشؤم والبلاءُ. فلا يبرح عليُّ بن العباس يومَه ذلك. فلما شقَّ عليه ذلك هجاه فأقذع في هجائه، فكان الأخفش يستعمل حفظ هجائه، ثم يُمْليه فيما يُمْلِي من الأخبار والأشعار على أصحابه، فلما رأى عليُّ بن العبَّاس أن