قال أبو العباس: كان أبو توبة مُؤدِّبًا لعمر بن سعيد بن سَلْم، فقدم الأصمعيُّ من البصرة، فنزل على سعيد بن سَلْم، فحضرَ يومًا وأخذ يُسائِلُه، فدعا سعيدٌ بأبي توبة، فجعل أبو توبة إذا مَرَّ شيءٌ من الغريب بادر إليه، فأتى بكل ما في الباب أو أكثره، فشقَّ ذلك على الأصمعيِّ فجعل يعدل إلى المعاني، فسأل أبا توبةَ عنها، فقال سعيدٌ: لا تتبعْه يا أبا توبةَ في هذا الفنِّ؛ فإنَّ هذه صناعتُه. قال: وما عليَّ إذا سألني عمَّا أحسنه أجيبه، وما لم أحسنه تعلمتُه. فجعل الأصمعيُّ يسأله، وأبو توبة يجيبه، حتى سأله عن هذا البيت:
واحدةٌ أَعْضَلَكُمْ أَمرُها ... فكيف لو دُرتُ على أربعِ
قال: ونهض الأصمعيُّ فدار على أربعٍ، يُلبِّسُ على أبي توبة، فأجابه أبو توبةَ بما يُشاكل ما أوهمه الأصمعيُّ، فضَحِك الأصمعيُّ من جوابه، وقال له سعيدٌ: ألم أقل لك يا أبا توبة!
قال: ومعنى البيت: أنه تزوَّج امرأةً واحدةً، فقال: قد شقَّ عليكم أن تزوجتُ واحدةً، فكيف لو تزوجتُ أربعًا!
[١٢٢ - محمد بن حبيب]
هو أبو جعفرٍ مولى العباس بن محمد العباسيّ، ورأيتُ مع بعض الكتب محمد بن حبيب بن المحبّر، يروي عن ابن الأعرابي، وله كتبٌ صحيحةٌ، قد مرَّ ذكرُه.