فقال له بصوت خفيٍّ: إنه إسحاق، ومرَّ غيرَ متلبِّث ولا متوقِّف، حتى رجَع إلى مجلس إسحاق، فراعني ذلك، فلما مَثُلْتُ بين يديه قال لي: كيف يقال: "وهذا المال مالًا"، أو "وهذا المال مالٌ"؟ فعلمتُ ما أراد ميمون، فقلتُ له: الوجهُ: "وهذا المال مالٌ"، ويجوز:"وهذا المال مالًا". فأقبل إسحاق على ميمون بغلظة وفظاظة، ثم قال: الزم الوجهَ في كتبك، ودَعْنا من يجوز ويجوز. ورمى بكتابٍ كان في يده. فسألتُ عن الخبرِ، فإذا ميمون قد كتب إلى المأمون، وهو ببلاد الروم عن إسحاق، وذكر مالًا حمله إليه، وكتب:"وهذا المال مالًا"، فخطَّ المأمونُ على الموضع من الكتاب، ووقَّع بخطِّه في حاشيته: تكاتبني باللَّحْن! فقامت القيامة على إسحاق. فكان ميمون بعد ذلك يقول: ما أدري كيف أشكر ابنَ قادمٍ؛ بقَّى عليَّ روحي ونعمتي.
قال أبو العباس: فكان هذا مقدار العلم، وعلى حَسَب ذلك كانت الرغبة في طلبه، والحذر من الزلل.
"وهذا المال مالًا" ليس بشيء، ولكن أحسن ابن قادم في التأتِّي بخلاص ميمون.
[٧٢ - ابن سعدان]
هو محمد بن سعدان، كانت وفاته سنة إحدى وثلاثين ومئتين.
[٧٣ - محمد بن حبيب]
قال أبو العباس أحمد بن يحيى: أتيت محمدَ بن حبيب -وقد بلغني أنه يُمِلُّ شعرَ حسَّان بن ثابت- فلما عرَف موضعي قطع الإملاءَ، فانصرفتُ وعدتُ، فترفَّقتُ فأَمَلَّ، وكان لا يقعد في المسجد الجامع، فعذلتُه