عبد الرحمن وأخيه، فاستجلبهما من كُورَة لَبْلة -وكانت وطنَهما-، فتعاصى عليه عبد الرحمن، وأجابه جابر، فكان ذلك سبب سكناه قرطبة. وكان من أحدِّ الناس في التأديب، فقل من تأدَّب عنده إلَّا وتعلق من العلم بمُسْكة.
وكان جابر يكنى أبا مالك، وتوفي سنة تسع وتسعين ومئتين.
[٢١٦ - محمد بن عبد الله بن الغازي]
رحل إلى المشرق، فلقي الرياشي، وأبا حاتم، وإبراهيم بن خداش، ولقي جماعة من أصحاب الحديث، من أصحاب ابن عيينة وغيرهم. وجلب إلى الأندلس علمًا كثيرًا من الشعر والعربية والأخبار، وعنه روى المشايخ الأشعار المشروحات كلها، ثم خرج عن الأندلس يريد الحج، فتوفي بطنجة بعد أن سكنها لتعذر المسير عليه.
وذكر يحيى بن أبي صوفة الجزيري قال: كان عندنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الغازي سنة خمس وتسعين ومئتين، وأملى علينا:
الحمد لله، ثم الحمد لله ... كم ذا عن الموت من ساه ومن لاه
يا ذا الذي هو في لهو وفي لعب ... طوبى لعبد منيب القلب أواه
إن لم يكن لك ناه في عجائب ما ... يأتي به الدهر لم تقدر على ناه
ماذا يعاين ذو العينين من عجب ... عند الخروج من الدنيا إلى الله
قال ابن أبي صوفة: وخرج عنا إلى طنجة، فمات بها بعد سنة أو نحوها؛ وكانت كتبه عند أقوام بطنجة ماتوا.