هو أبو الحزم عُفير بن مسعود بن عُفير بن بشر بن فضالة بن عبد الله الغساني. وكان من أهل العلم باللغة، وأخبار العرب، ووقائعها وأيامها، ومشاهد النبوة؛ وأرواهم للشعر، وكان من أهل مَوْرُور، ثم انتقل إلى إشبيلية، وخرج عنها عند حدوث الفتنة بها إلى قرطبة، فلم يزل ساكنًا بها حتى مات.
ولما قدم العجلي من العراق منع كتبه وضن بها، واستدعى الناسَ إلى أن يُملِيَ عليهم، فتسارب الناسُ إليه، وانجفلوا إلى مجلسه، فخلا مجلس الخشني.
قال عفير: فقال لي الخشني: ما لك لا تسرع إلى ما أسرع الناس إليه؟ فقلت له: لست أبغي بك بدلًا. فقال: أحب أن تأتي الرجل وتشهد مجلسه. فغدوتُ إلى العجلي، فحضرتُه يملي: المِرَّةُ العداوةُ، وجمعُها مِرَرٌ. وكان أحدُ من يكتب بين يديه زيدٌ الجيَّاني، فقلت: يرحمك الله! قال أبو عبيد في "المصنف": المِئْرَةُ العداوةُ، وجمعُها مِئَرٌ. قال: فكأني أنظر إلى زيدٍ قد محا ما كتب، وقال: هذا الحق. ثمَّ رددتُ عليه كلمةً ثانيةً، وثالثةً في المجلس، فانفض الناسُ عنه، ولم يعد إليه بعدها أحد. وبدر الخبرُ إلى الخشني، فلما أتيتُه استدناني، وقبَّل بين عيني، وقال لي: نِعمَ مستودَع العلم أنت!
وكان أحمد بن بشر بن الأغبس، وعبد الملك بن شُهَيْد قد تمالآ