فلما بلغ هذا الموضع قلتُ: باتا يفعلانِ ماذا، أعزك الله! فقال لي: وكيف تقول أنت يا أندلسي؟ فقلتُ:"بانت وبان قرينها" فسكت.
قال القاضي: فما زال يستثقلني بعدها حتى منعني "العَيْنَ"، وكنتُ ذهبتُ إلى الانتساخ من نسخته، فلما قطع بي قيل لي: أين أنتَ مِن أبي العباس بن ولَّادٍ؟ فقصدتُه فوجدتُ رجلًا كاملَ العلم والأدب، حسنَ المروءة، وسألته الكتاب، فأخرجه إليَّ، ثم تقدَّم أبو جعفر النحاس حين بلغه إباحة أبي العباس كتابه إليَّ، وعاد إلى ما كنت أعرفه منه.
وكان أبو جعفر لئيمَ النفس، شديدَ التقتير على نفسه، وكان ربما وُهِبت له العمامة، فيقطعها على ثلاث عمائم. وكان يلي شراء حوائجه بنفسه، ويتحامل فيها عن أهل معرفته. وتوفي بمصر سنة سبع وثلاثمئة.
[١٦٢ - أبو النضر]
هو محمد بن إسحاق بن أسباط، أخذ عن الزجاج، وله كتاب في النحو سماه كتاب "العيون والنكت"، ذهب فيه إلى حد الاسم والفعل والحرف، وتلا ذلك بذكر شيء من أبواب الياء والواو، ولم يصنع فيه شيئًا.